أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب المبتدأ والخبر

صفحة 203 - الجزء 1

  الثالثة: أن يكون المبتدأ معطوفا عليه اسم بواو هي نصّ في المعية، نحو: «كلّ رجل وضيعته» و «كلّ صانع وما صنع» ولو قلت «زيد وعمرو» وأردت الإخبار باقترانهما جاز حذفه وذكره، قال:

  [٧٨] -

  وكلّ امرئ والموت يلتقيان


= عصفور أولى، لأن حذف المبتدأ وإبقاء الخبر من باب حذف ما ليس محط الفائدة، فتأمل.

[٧٨] - هذا عجز بيت من الطويل، وصدره قوله:

تمنّوا لي الموت الّذي يشعب الفتى

وقد نسب كثير من العلماء هذا البيت إلى الفرزدق همام بن غالب، ورووا قبل هذا البيت بيتا آخر، وهو قوله:

لشتّان ما أنوي وينوي بنو أبي ... جميعا، فما هذان مستويان

وقد راجعت نسخ ديوان الفرزدق المطبوعة فلم أعثر على شيء من ذلك فيها.

اللغة: «شتان» هو اسم فعل معناه تباين وافترق وتباعد، وذلك لا يكون إلّا بين اثنين، والمراد افتراقهما في الصفات والأحوال كالعلم والجهل والمودة والبغضاء ونحو ذلك، لأن الافتراق في الذوات حاصل لا محالة «ما أنوي» ما هذه ليست زائدة، ولكنها موصولة إما اسمية وإما حرفية «بنو أبي» أراد بهم أهله الذين ينتمون إلى أبي قبيلته «يشعب الفتى» يفرقه ويصدع شمله، وهو من باب فتح، ومن هنا سموا الموت «شعوب» بفتح الشين - لأنه يفرق ما بين الأحبة.

المعنى: وصف ما بينه وبين قومه من التهاجر، وأنهم يضمرون له البغضاء، ويحملون له في قلوبهم الإحنة والكراهية، ويتمنون له الموت، ثم قال: ولئن مت فما أنا وحدي الذي سلك هذا الطريق، ولكن كل أحد مصيره إلى الموت.

الإعراب: «تمنوا» فعل ماض وفاعله «لي» جار ومجرور متعلق بتمنى «الموت» مفعول به لتمنى «الذي» اسم موصول نعت للموت «يشعب» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الاسم الموصول «الفتى» مفعول به ليشعب والجملة من الفعل المضارع وفاعله ومفعوله لا محل لها من الإعراب صلة الموصول «وكل» الواو استئنافية، كل: مبتدأ، وكل مضاف و «امرئ» مضاف إليه «والموت» الواو حرف عطف، الموت: معطوف على المبتدأ الذي هو قوله كل امرئ «يلتقيان» فعل مضارع =