هذا باب المبتدأ والخبر
  وزعم الكوفيون والأخفش أن نحو: «كلّ رجل وضيعته» مستغن عن تقدير الخبر، لأن معناه مع ضيعته.
  الرابعة: أن يكون المبتدأ إمّا مصدرا عاملا في اسم مفسّر لضمير ذي حال لا يصح كونها خبرا عن المبتدأ المذكور(١)، نحو: «ضربي زيدا قائما» أو مضافا
= مرفوع بثبوت النون، وألف الاثنين فاعله، والجملة من الفعل المضارع وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ وما عطف عليه.
الشاهد فيه: قوله «وكل امرئ والموت يلتقيان» حيث ذكر الخبر الذي هو جملة «يلتقيان» لأن الواو التي عطفت على المبتدأ في قوله «والموت» ليست نصا في معنى المصاحبة والاقتران، ولو كان لكان حذف الخبر واجبا لا معدل للمتكلم عنه، كما في قولك: كل ثوب وقيمته، وكل امرئ وما يحسنه، وكل طالب علم ومعارفه.
فإن قلت: فبين لي ضابط الواو التي تكون نصا في معنى المصاحبة والاقتران حتى لا يلتبس أمرها علي.
فالجواب عن ذلك أن نقول لك: إن ضابط الواو التي هي نص في معنى المصاحبة والاقتران أن يكون ما بعدها مما لا يفارق ما قبلها، ألا ترى أن قيمة الثوب لا تفارقه، وأن ما يعرفه طالب العلم لا ينفك عنه، وذلك بخلاف الموت فإنه ليس بملازم للمرء، وإنما يلقاه مرة واحدة، فالواو التي هي نص في معنى المصاحبة والاقتران هي التي متى ذكرت فهم المخاطب معنى الاقتران من غير حاجة إلى النص على الاقتران، وذلك بواسطة كون طرفيها لا ينفك أحدهما في الوجود عن صاحبه. ومن ثمة قال اللقاني في بيت الشاهد: «اعلم أن الواو في نحو هذا البيت لمجرد الجمع في الحكم، لا للمعية، بل المعية فيه إنما هي من خصوص مادة الخبر، والتي هي بمعنى المعية يصح الاكتفاء بها في إفادة المعية، ولو قيل: كل امرئ والموت أي معه، لم يكن صادقا» اه.
(١) إنما صح أن تسد الحال مسد الخبر في هذه المسألة لأن الحال بمنزلة الظرف في المعنى، ألا ترى أنك إذا قلت «ضربي زيدا قائما» لم يكن بين هذا الكلام وبين قولك «ضربي زيدا وقت قيامه» فرق، وشيء آخر، وهو أن الظرف ينتصب على معنى في، والحال نفسه على معنى في، وشيء ثالث، وهو أن كلّا من الحال والظرف قيد، فلما تشابه الحال والظرف في هذه الأمور، ورأينا الظرف يسد مسد الخبر، أعطينا الحال هذا الحكم فقررنا أن يسد الحال مسد الخبر. =