أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر

صفحة 212 - الجزء 1

  إذ الأصل لا تفتأ ولا أبرح، ومثالها بعد النّهي، قوله:

  [٨١] -

  صاح شمّر ولا تزل ذاكر الموت


= قال خداش بن زهير:

وأبرح ما أدام اللّه قومي ... بحمد اللّه منتطقا مجيدا

وكقول خليفة بن براز:

تنفكّ تسمع ما حيي ... ت بهالك حتّى تكونه

أراد خداش «لا أبرح ما أدام اللّه قومي» وأراد خليفة «لا تنفك تسمع ما حييت» فحذف كل منهما حرف النفي ولم يتقدم قسم.

ثم إن النفي الذي يقع قبل هذه الأفعال قد يكون بحرف النفي كما ورد في الآيتين الكريمتين اللتين تلاهما المؤلف، وقد يكون باسم دال على النفي نحو قول الشاعر:

غير منفكّ أسير هوى ... كلّ وان ليس يعتبر

وقد يكون بالفعل الموضوع للنفي، نحو قول الآخر:

ليس ينفكّ ذا غنى واعتزاز ... كلّ ذي عفّة مقلّ قنوع

وقد يكون بالفعل المستعمل في النفي وإن لم يكن موضوعا له، وذلك مثل قول الشاعر:

قلّما يبرح اللّبيب إلى ما ... يورث الحمد داعيا أو مجيبا

فإن «قلما» في هذا الموضع وشبهه دالة على النفي، لا التقليل.

[٨١] - هذه قطعة من بيت من الخفيف، وهو بكماله:

صاح شمّر، ولا تزل ذاكر المو ... ت، فنسيانه ضلال مبين

والبيت من الشواهد التي لا يعرف قائلها.

المعنى: يا صاحبي اجتهد، واستعد للموت، ولا تنس ذكره؛ فإن نسيانه ضلال ظاهر.

الإعراب: «صاح» منادى حذف منه ياء النداء، وهو مرخم ترخيما غير قياسي «شمر» فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ولا» ناهية «تزل» فعل مضارع ناقص مجزوم بحرف النهي، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ذاكر» خبر تزل، وهو مضاف، و «الموت» مضاف إليه «فنسيانه» نسيان: مبتدأ، وهو مضاف والهاء العائدة إلى الموت مضاف إليه «ضلال» خبر المبتدأ «مبين» نعت لضلال.

الشاهد فيه: قوله: «ولا تزل ذاكر الموت» حيث أجرى فيه مضارع «زال» مجرى «كان» في العمل لكونها مسبوقة بحرف النهي، وهو شبه النفي، وذلك من قبل أن من =