أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر

صفحة 213 - الجزء 1

  ومثالها بعد الدعاء، قوله:

  [٨٢] -

  ولا زال منهلّا بجرعائك القطر


= ينهى عن فعل شيء من الأشياء إنما يقصد عدم حصول هذا الفعل، وعدم حصوله هو معنى النفي.

[٨٢] - هذا عجز بيت من الطويل، وصدره قوله:

ألا يا اسلمي يا دار ميّ على البلى

والبيت لذي الرمة غيلان بن عقبة، يقوله في صاحبته مية.

اللغة: «البلى» من بلي الثوب يبلي - على وزن رضي يرضى - أي: خلق ورث «منهلا» منسكبا منصبا «جرعائك» الجرعاء: رملة مستوية لا تنبت شيئا «القطر» المطر.

المعنى: يدعو لدار حبيبته مي بأن تدوم لها السلامة على مر الزمان، من طارقات الحدثان، وأن يدوم نزول الأمطار بساحاتها، وكنى بنزول الأمطار عن الخصب والنماء، وطلب ذلك لأنهما يستتبعان إقامة أحبائه فيها.

الإعراب: «ألا» أداة استفتاح وتنبيه «يا» حرف نداء، والمنادى محذوف، والتقدير: يا دار مية اسلمي «اسلمي» فعل أمر مقصود منه الدعاء، وياء المؤنثة المخاطبة فاعل «يا دار» يا: حرف نداء، ودار: منادى منصوب بالفتحة الظاهرة، ودار مضاف، و «مي» مضاف إليه «ولا» الواو حرف عطف، لا: حرف دعاء «زال» فعل ماض ناقص «منهلّا» خبر زال مقدما «بجرعائك» الجار والمجرور متعلق بقوله: «منهلّا»، وجرعاء مضاف والكاف مضاف إليه «القطر» اسم زال مؤخرا.

الشاهد فيه: للنحاة في هذا البيت شاهدان:

الأول في قوله: «يا اسلمي» حيث حذف المنادى قبل فعل الأمر فاتصل حرف النداء بالفعل لفظا، ولكن التقدير على دخول «يا» على المنادى المقدر، ولا يحسن في مثل هذا البيت أن تجعل «يا» حرف تنبيه، لأن «ألا» السابقة عليها حرف تنبيه، ومن قواعدهم المقررة أنه لا يتوالى حرفان بمعنى واحد لغير توكيد، ومثل هذا البيت في ذلك قول الشماخ:

يقولون لي: يا احلف، ولست بحالف ... أخادعهم عنها لكيما أنالها

فقد أراد: يقولون لي يا هذا احلف. ومثله قول الأخطل:

ألا يا اسلمي يا هند هند بني بكر ... ولا زال حيّانا عدّى آخر الدّهر

=