[فصل: إيلاء هذه الأفعال معمول خبرها]
  فجمهور البصريين يمنعون مطلقا، والكوفيون يجيزون مطلقا(١)، وفصّل ابن السرّاج والفارسيّ وابن عصفور فأجازوه إن تقدّم الخبر معه، نحو: «كان طعامك آكلا زيد» ومنعوه إن تقدم وحده، نحو: «كان طعامك زيد آكلا»، واحتجّ الكوفيون بنحو قوله:
  [٨٨] -
  بما كان إيّاهم عطيّة عوّدا
(١) أنت تعلم أن اسم كان وأخواتها وخبرهن معمولان لكان، والمعمول الذي هو موضع الكلام في هذا الفصل هو معمول الخبر، واعلم الآن أن منشأ الخلاف بين هؤلاء جميعا هو هل معمول المعمول يعتبر معمولا للعامل الأصلي الذي هو هنا كان؟ فالذي يؤخذ من تعليلهم لهذا الخلاف أن البصريين يرون أن معمول المعمول لا يعتبر معمولا للعامل الأصلي، ولهذا حكموا بأنه لا يجوز أن يلي كان أو إحدى أخواتها معمول خبرها لأنه أجنبي من كان، فإذا وليها لزم أن يفصل بين العامل الذي هو كان والمعمول الذي هو الاسم والخبر بالأجنبي الذي هو معمول الخبر، وأن جمهور الكوفيين يعتبرون معمول المعمول معمولا للعامل الأصلي، فلهذا أجازوا أن يلي كان معمول خبرها لأنه ليس أجنبيا، فلم يلزم المحظور المذكور.
[٨٨] - هذا عجز بيت من الطويل، وصدره قوله:
قنافذ هدّاجون حول بيوتهم
والبيت للفرزدق من كلمة يهجو فيها جريرا وعبد القيس، وهي من النقائض بين جرير والفرزدق، وأولها قوله:
رأى عبد قيس خفقة شوّرت بها ... يدا قابس ألوى بها ثمّ أخمدا
اللغة: «قنافذ» جمع قنفذ، وهو - بضمتين بينهما سكون، أو بضم القاف وسكون النون وفتح الفاء، وآخره ذال معجمة أو دال مهملة - حيوان يضرب به المثل في السرى فيقال: هو أسرى من القنفذ، وقالوا أيضا «أسرى من أنقد» وأنقد: اسم للقنفذ، ولا يصرف، ولا تدخله الألف واللام، كقولهم للأسد أسامة، وللذئب ذؤالة، قاله الميداني (١/ ٢٣٩ الخيرية) ثم قال: والقنفذ لا ينام الليل، بل يجول ليله أجمع.
ويقال في مثل آخر «بات فلان بليل أنقد» وفي مثل آخر «اجعلوا ليلكم ليل أنقد» وذكر مثله العسكري في جمهرة الأمثال بهامش الميداني (٢/ ٧) «هداجون» جمع هداج، وهو صيغة مبالغة من الهدج أو الهدجان، والهدجان - بفتحات - ومثله الهدج - بفتح فسكون - مشية الشيخ، أو هو مشية فيها ارتعاش، وباب فعله ضرب. ويروى «قنافذ دراجون» والدراج: صيغة مبالغة أيضا من درج الصبي والشيخ - من باب دخل - إذا =