هذا باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر
  وخرّج على زيادة كان أو إضمار الاسم: مرادا به الشأن، أو راجعا إلى ما، وعليهنّ فعطية مبتدأ، وقيل: ضرورة، وهذا متعين في قوله:
  [٨٩] -
  باتت فؤادي ذات الخال سالبة
= المتكلمين أن يقيس في كلامه عليها والقول بالضرورة عند البصريين تعين في قول الشاعر، ولم نقف على اسمه، وهو الشاهد الآتي (٨٩):
باتت فؤادي ذات الخال سالبة ... فالعيش إن حمّ لي عيش من العجب
فذات الخال: اسم باتت، وسالبة: خبره، وفيه ضمير مستتر هو فاعله يعود على ذات الخال، وفؤادي: مفعول به مقدم على عامله، وهو قوله سالبة، ولا يمكن في هذا البيت أن يوجه بإحدى التوجيهات السابقة، ومثله قول الآخر:
لئن كان سلمى الشّيب بالصّدّ مغريا ... لقد هوّن السّلوان عنها التّحلّم
فإن قوله الشيب: اسم كان، ومغريا: خبره، وفيه ضمير مستتر يعود على الشيب هو فاعله، وسلمى: مفعول به لمغريا تقدم على اسم كان، ولا يحتمل شيئا مما سبق ذكره من التخريجات.
لكن خرج هذين البيتين جماعة من العلماء على أن كلمة «فؤادي» في أولهما و «سلمى» في ثانيهما منادى بحرف نداء محذوف، ويكون الشاعر قد حذف مفعول «سالبة» في البيت الأول، ومفعول «مغريا» في البيت الثاني، وأصل الكلام على هذا: باتت يا فؤادي ذات الخال سالبة إياك، ولئن كان يا سلمى الشيب مغريا إياك بالصد، وهو تخريج ظاهر التكلف، وقد ذكرناه في شرح الشاهد ٨٩.
[٨٩] - هذا صدر بيت من البسيط، وعجزه قوله:
فالعيش إن حمّ لي عيش من العجب
ولم أقف لهذا البيت على نسبة إلى قائل معين، ولا عثرت له على سوابق أو لواحق تتصل به، وقد ذكرناه في أثناء شرح الشاهد السابق.
اللغة: «ذات الخال» أي صاحبة الخال، والخال: شامة سوداء في البدن، وقيل: نكتة سوداء فيه، وفي التهذيب: بثرة في الوجه تضرب إلى السواد «سالبة» اسم فاعل من سلب الشيء - من باب نصر - إذا أخذت خلسة «حم» بالبناء للمجهول - قدر وهيئ.
المعنى: يصف أن امرأة موصوفة بالجمال، قد استولت بجمالها على قلبه، واستلبته منه، ثم بين أنه لن يستطيع الحياة بعد ذلك، وأنه إذا بقي حيا كان ذلك من عجائب الأمور. =