أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب أفعال المقاربة

صفحة 273 - الجزء 1

  [١١٩] -

  وقد جعلت قلوص بني سهيل ... من الأكوار مرتعها قريب


[١١٩] - هذا البيت من الوافر، وهو من مختار أبي تمام في ديوان الحماسة، ولم ينسبه إلى قائل معين، وقد ذكر قبله ببيتين.

اللغة: «قلوص» بفتح القاف وضم اللام مخففة - الناقة الشابة الفتية «بني سهيل» يروى في مكانه «ابني سهيل» وقوله «من الأكوار» فالأكوار: جمع كور، والكور - بضم الكاف - الرحل بأداته، وقد يكون الكور بفتح الكاف، وهو الجماعة من الإبل «مرتعها» المرتع: المكان الذي ترعى النعم فيه.

المعنى: يقول إن هذه الناقة قد أصيبت بالكلال، وحصل لها إعياء وتعب فما تطيق الإبعاد عن مواضع نزول القوم للرعي، فهي أبدا ترعى قريبا من الأكوار وإنما توضع الأكوار حيث ينزل القوم.

الإعراب: «قد» حرف تحقيق «جعلت» جعل: فعل ماض، والتاء للتأنيث «قلوص» اسم جعل مرفوع بالضمة الظاهرة، وهو مضاف و «بني» مضاف إليه، وبني مضاف و «سهيل» مضاف إليه «من الأكوار» جار ومجرور متعلق بقريب الآتي «مرتعها» مرتع: مبتدأ، وهو مضاف وضمير الغائبة العائد إلى قلوص بني سهيل مضاف إليه «قريب» خبر المبتدأ، والجملة من المبتدأ وخبره في محل نصب خبر جعل.

الشاهد فيه: قوله «جعلت قلوص.. مرتعها قريب» حيث جاء بخبر جعل جملة اسميّة وهي قوله مرتعها قريب - ولو أتى به على ما جرى عليه الاستعمال في خبر هذا الفعل لقال: وقد جعلت ... يقرب مرتعها، ولكنه أقام الجملة الاسمية مقام الجملة الفعلية، هذا توجيه كلام المؤلف العلامة |.

وقد ذهب جماعة من العلماء إلى أن «جعل» في هذا البيت ليست هي التي ترفع الاسم وتنصب الخبر ويكون خبرها جملة فعلية فعلها مضارع، ولكن جعل في هذا البيت فعل قاصر يحتاج إلى فاعل ولا يحتاج إلى غيره، وعليه يكون قوله «قلوص» فاعلا، وقوله «مرتعها قريب» جملة من مبتدأ وخبر في محل نصب حال من الفاعل، والرابط هو الضمير المجرور محلا بالإضافة، وعلى هذا لا يكون البيت مما نحن فيه.

ومنهم من يجعل «جعل» فعلا ناقصا بمعنى صار الذي هو من أخوات كان، و «قلوص» اسمه. وجملة «مرتعها قريب» في محل نصب خبره، ولا يكون مما نحن فيه أيضا، لأن كلامنا في «جعل» التي معناها الشروع في العمل، لا في «جعل» بمعنى التحول من حال إلى حال.