أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب أفعال المقاربة

صفحة 274 - الجزء 1

  وشرط الفعل ثلاثة أمور:

  أحدها: أن يكون رافعا لضمير الاسم⁣(⁣١)، فأما قوله:

  [١٢٠] -

  وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني ... ثوبي .........


(١) الأصل في أفعال هذا الباب أنها وضعت على أن تستعمل في الكلام لتدل على أن المرفوع بها هو الذي قد تلبس بالفعل المدلول عليه بخبرها، أو شرع فيه، فلهذا كان ما لا بدّ منه في استعمالها أن يكون الضمير في خبرها راجعا إلى الاسم المرفوع بها، وإلّا يكن الأمر على هذا لم يتحقق لها ما وضعت لتستعمل فيه.

[١٢٠] - هذه قطعة من بيت من البسيط، وهو بتمامه:

وقد جعلت إذا قمت يثقلني ... ثوبي، فأنهض نهض الشّارب السّكر

وهذا البيت من كلام عمرو بن أحمر الباهلي، وقد ذكره المرزباني في «كتابه الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء» ويروى بيت مثله في كلام أبي حية النميري، وهو بتمامه.

وقد جعلت إذا قمت يوقعني ... ظهري فقمت قيام الشّارب السّكر

اللغة: «يثقلني» يجهدني ويتعبني ويعييني «أنهض» أقوم، ومصدره النهض - بفتح فسكون - كما في بيت الشاهد، والنهوض كالقعود والجلوس «السكر» بفتح السين وكسر الكاف - صفة مشبهة بمعنى الثمل وهو الذي أخذ منه الشراب وأضعف قواه.

الإعراب: «قد» حرف تحقيق «جعلت» جعل: فعل ماض ناقص، وتاء المتكلم اسمه «إذا» ظرفية تضمنت معنى الشرط «ما» زائدة «قمت» قام؛ فعل ماض، وتاء المتكلم فاعله «يثقلني» يثقل: فعل مضارع، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به ليثقل «ثوبي» ثوب: فاعل يثقل، وثوب مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، وهذا هو الظاهر، وستعرف ما فيه من الفساد «فأنهض» الفاء حرف عطف، أنهض؛ فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «نهض» مفعول مطلق مبين للنوع، ونهض مضاف و «الشارب» مضاف إليه «السكر» نعت للشارب.

الشاهد فيه: قوله «جعلت يثقلني ثوبي» حيث وقع فيه ما ظاهره أن المضارع الواقع خبرا لجعل قد رفع اسما ظاهرا مضافا إلى ضمير يعود إلى اسم جعل، وذلك غير مرتضى عند العلماء، ولو جاء على ما هو الموافق لما ارتضوه لقال: وقد جعلت أثقل، لأن هذه الأفعال يتعين في خبرها أن يكون رافعا لضمير مستتر عائد إلى الاسم. =