أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الأحرف الثمانية الداخلة على المبتدأ والخبر

صفحة 306 - الجزء 1

  فالكسر على الجواب، والبصريون يوجبونه، والفتح بتقدير «على»⁣(⁣١) ولو أضمر الفعل أو ذكرت اللام تعين الكسر إجماعا، نحو: «واللّه إنّ زيدا قائم» و «حلفت إنّ زيدا لقائم»⁣(⁣٢).


= وإيضاح هذا أن الجاري على ألسنة العرب أنهم يذكرون بعد جملة القسم أحد شيئين، الأول المحلوف عليه، والثاني جواب القسم، فإذا ذكر إن ومعموليها في هذا الموضع جاز لك أن تقدرها مع معموليها جواب القسم وحينئذ يتحتم كسر همزة إن لأن جواب القسم لا يكون إلا جملة، وجاز أن تقدر أن مع معموليها المحلوف عليه، وحينئذ تفتح همزة إن لأنها في تأويل مصدر مجرور بحرف جر محذوف، وقد عرفت تقدير الكلام على هذا الوجه.

(١) مما ذكر المؤلف في توجيه المسائل التسعة التي يجوز في كل واحدة منها كسر همزة «إن» وفتحها تعلم أن الكسر على اعتبار والفتح على اعتبار آخر، وليس من الممكن أن يكون الفتح والكسر جميعا على اعتبار واحد، ومنه تفهم أن عد النحاة المواضع التي يجوز فيها الأمران ليس معناه جوازهما مع اتحاد التقدير.

والقاعدة العامة في هذه المسألة ما قررناه لك في أول هذا المبحث، وهو: أن كل موضع جاز فيه اعتباران أحدهما يقتضي وقوع المصدر والآخر يقتضي وقوع الجملة ففي هذا الموضع يجوز الفتح والكسر، وكل موضع لا يجوز فيه إلّا اعتبار واحد، فإن كان الاعتبار يقتضي وقوع المصدر لم يجز إلّا الفتح، وإن كان هذا الاعتبار يقتضي وقوع الجملة لم يجز إلّا الكسر.

(٢) اعلم أن ههنا أربع صور، الأولى: أن يذكر فعل القسم وتقع اللام في خبر إن نحو قولك: حلفت باللّه إنك لصادق، ومنه قوله تعالى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ} وقوله جل شأنه: {أَ هؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ} والثانية: أن يحذف فعل القسم وتقع اللام أيضا في خبر إن، نحو قولك: واللّه إنك لمؤدب، ومنه قوله تعالى: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ} ولا خلاف في أنه يتعين كسر همزة إن في هاتين الصورتين والصورة الثالثة: أن يذكر فعل القسم ولا تقترن اللام بخبر إن، كما في بيت الشاهد السابق (رقم ١٣٥) ولا خلاف أيضا في أنه يجوز في هذه الصورة الوجهان: كسر همزة إن، وفتحها، على التأويلين اللذين ذكرهما الشارح وذكرناهما في شرح الشاهد السابق، والصورة الرابعة: أن يحذف فعل القسم ولا تقترن اللام بخبر إن، نحو قولك: واللّه إنك عالم، ومنه قوله تعالى: {حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ} وفي هذه الصورة خلاف؛ فالكوفيون يجوزون فيها الوجهين، والبصريون لا يجوزون =