أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[فصل: تخفف كأن فيبقى عملها أيضا]

صفحة 335 - الجزء 1

[فصل: تخفف كأن فيبقى عملها أيضا]

  فصل: وتخفف «كأنّ» فيبقى أيضا إعمالها، لكن يجوز ثبوت اسمها وإفراد خبرها، كقوله:

  [١٥٠] -

  كأن وريديه رشاء خلب


[١٥٠] - هذا بيت من مشطور الرجز، وقد نسب النحاة هذا الشاهد إلى رؤبة بن العجاج، وقد وجدت في زيادات ديوانه هذا البيت ثالث ثلاثة أبيات من الرجز المشطور، وقبله قوله:

يسوقها أعيس هدّار ببب ... إذا دعاها أقبلت لا تتّئب

وفي اللسان ذكر هذين البيتين وحدهما، وذكر الشاهد وحده، ولعل ذلك هو الصواب، لأن وزن الشاهد يختلف عن وزنهما. وستعرف في رواية بيت الشاهد اختلافا نذكره في لغة البيت.

اللغة: «يسوقها» الضمير البارز المؤنث يرجع إلى النوق، والضمير المستتر يعود إلى فحلها «أعيس» هو الذي لونه العيس - بفتح العين المهملة والياء المثناة جميعا - وهو بياض يخالطه شيء من الشقرة، وقيل: هو لون أبيض مشرب صفاء في ظلمة خفية، وقالوا: رجل أعيس الشعر، يريدون أبيضه، وأراد الراجز جملا أعيس «هدار» صيغة المبالغة من قولهم هدر البعير يهدر هدرا - بوزان ضرب يضرب ضربا - وهديرا، إذا صوت في غير شقشقة، وفي أمثالهم «كالمهدر في العنة» يضرب للرجل يصيح ويجلب وليس وراء ذلك شيء «ببب» الباء جارة، وبب: حكاية صوت البأببة، وهي هدير الفحل «لا تتئب» لا تخزى ولا تستحي «وريديه» مثنى وريد، وهو عرق في الرقبة، وهما وريدان «رشاء» هو بكسر الراء بزنة الكتاب، وهو الحبل، وهو مفرد في رواية الديوان وفي رواية أكثر النحاة، وقال الشيخ خالد: «وهو مفرد لا مثنى، وصحح الصغاني - بالغين المعجمة - أنه مثنى» اه. قال أبو رجاء عفا اللّه عنه: وكأن الذي دعا الصغاني إلى تصحيح التثنية أنه رأى اسم كأن مثنى فأراد أن يشبه المثنى بالمثنى «خلب» أصله بضم الخاء وإسكان اللام، ولكنه وقف بنقل الحركة من الباء إلى اللام - وقد فسر قوم الخلب بالبئر البعيدة القعر، فيكون الرشاء مضافا إلى الخلب، وفسر أبو إسحاق الخلب بالليف، وعلى ذلك يجوز في «رشاء خلب» وجهان، أحدهما أن يضاف الرشاء إلى الخلب كما يضاف المميز إلى التمييز في نحو «خاتم حديد» إلّا أن هذا الوجه لا يجوز في البيت؛ لما يلزم فيه من تنوين رشاء للوزن، والوجه الثاني أن يكون «خلب» نعتا بتأويله بالمشتق وكأنه قال: رشاء غليظ، وشيء آخر لا يجوز في =