هذا باب «لا» العاملة عمل إن:
  المبرّد وابن كيسان - تكرارها، نحو: «لا زيد في الدّار ولا عمرو» ونحو: {لا فِيها غَوْلٌ}(١)، وإنما لم تكرر في قولهم: «لا نولك أن تفعل»(٢)، وقوله:
  [١٥٥] -
  أشاء ما شئت، حتّى لا أزال لما ... لا أنت شائية من شأننا شاني
=
لا هيثم اللّيلة للمطيّ
وقول الشاعر:
أرى الحاجات عند أبي خبيب ... نكدن، ولا أميّة في البلاد
فهذه الشواهد الثلاثة ظاهرها أن العلم قد وقع اسما للا النافية للجنس ولم تتكرر لا، وللعلماء في تأويل ذلك وأشباهه طريقان:
أحدهما: أن يقدر اسم لا نكرة لا تتعرف بالإضافة ككلمة مثل، وتقدر هذه النكرة كانت مضافة إلى العلم ثم حذف وأقيم المضاف إليه مقامه، أي: ولا مثل أبي حسن، ولا مثل هيثم، ولا مثل أمية.
والطريق الثاني: أن يقدر العلم قائما مقام وصف اشتهر به، فيقدر في «لا أبا حسن» لا فيصل لها، ويقدر في «لا أمية» ولا كريم في البلاد، ويقدر في لا هيثم» ولا حسن السوق، وهكذا.
(١) سورة الصافات، الآية: ٤٧.
(٢) أصل النول - بفتح النون وسكون الواو - مصدر بمعنى التناول، فإذا قلت «نولك أن تفعل كذا» كان معناه: تناولك فعل كذا، تعني أنه ميسور له، وإذا قلت «لا نولك أن تفعل كذا» كان معناه: لا تناولك أن تفعل كذا، تعني أنه مما لا تصل يده إليه ولا يستطيعه ولا يقوى عليه، هذا أصله، ثم صار هذا المصدر بمعنى المفعول، فمعنى «لا نولك أن تفعل كذا» لا متناولك فعل كذا، وعلى ذلك تكون «لا» نافية، و «نولك» مبتدأ ومضاف إليه، وأن المصدرية والفعل المضارع بعدها في تأويل مصدر، وهذا المصدر إما أن تجعله نائب فاعل لنولك سد مسد خبر المبتدأ، وهذا إذا نظرت إلى أن المراد به اسم المفعول، وإما أن تجعل المصدر المنسبك من أن والمضارع خبر المبتدأ، هذا ما يتعلق بلفظ هذه العبارة، وأما ما يتعلق بمعناها فقد فسرها العلماء بلا ينبغي لك أن تفعل كذا، لأنه إذا لم تتناوله قدرته لم ينبغ له، فهو فيما نرى مجاز مرسل علاقته اللازمية والملزومية.
[١٥٥] - هذا بيت من البسيط، ولم أجد أحدا نسب هذا البيت إلى قائل معين وقد أنشده الفراء وابن كيسان ولم يعزواه إلى أحد. =