أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب «لا» العاملة عمل إن:

صفحة 9 - الجزء 2


= اللغة: «شاني» اسم فاعل فعله شنأ الشيء يشنؤه شنأ - بتثليث الشين - ومشنأ وشنآنا - بسكون النون في الأخيرة أو فتحها - ومعناه أبغضه وكرهه، والأصل في اسم الفاعل شانئ - بالهمزة في آخره - فخفف بقلب الهمزة ياء لانكسار ما قبلها مع كونها متطرفة.

المعنى: إني لأحب ما تحبينه، وأرغب فيما ترغبين فيه، ولا يزال شأني أن أبغض ما تكرهينه ولا أميل إلى ما لا تشائينه.

الإعراب: «أشاء» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «ما» اسم موصول مفعول به لأشاء مبني على السكون في محل نصب «شئت» فعل وفاعل، والجملة لا محل لها صلة الموصول، والعائد ضمير منصوب محذوف، والتقدير: أشاء الذي شئته «حتى» يجوز أن تكون ابتدائية كما يجوز أن تكون غائية «لا» حرف نفي «أزال» فعل مضارع ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، فإن جعلت حتى غائية فهذا المضارع الناقص منصوب بأن مضمرة، وإن جعلت حتى ابتدائية فهو مرفوع لتجرده من الناصب والجازم «لما» جار ومجرور متعلق بقوله شاني الذي في آخر البيت «لا» نافية «أنت» ضمير منفصل مبتدأ «شائية» خبر المبتدأ وجملة المبتدأ وخبره لا محل لها صلة ما الموصولة المجرورة محلّا باللام، والعائد ضمير منصوب بشائية محذوف، والتقدير: للذي لا أنت شائيته «شاني» خبر أزال، وكان حقه أن ينصبه بالفتحة الظاهرة لأنه صار بعد قلب الهمزة ياء مثل القاضي والداعي، إلّا أنه عامله كما يعامل المرفوع والمجرور فقدر الفتحة على الياء كما يقدر الضمة والكسرة.

الشاهد فيه: قوله «لا أنت شائية» حيث ورد فيه دخول «لا» النافية على معرفة - وهي الضمير المنفصل المرفوع - ولم تتكرر «لا».

وقد تمسك بهذا البيت المبرد وابن كيسان، فزعما أنه لا يلزم تكرار «لا» إذا اقترنت بالمعرفة أو فصل بينها وبين اسمها، وذلك عند جمهرة النحاة محمول على ضرورة الشعر؛ لأن تكرار المعرفة - كأن تقول: لا محمد ولا بكر ولا خالد يقولون هذه المقالة - يقوم مقام نفي الجنس الذي هو الأصل في مدخول «لا» ألا ترى أنك لو قلت «لا أحد يقول هذه المقالة» كان ذلك عند التحقيق بمنزلة أن تذكر جميع الأفراد واحدا فواحدا وتنفي عنهم ما تريد أن تنفيه، ولما كان تعداد جميع الأفراد غير ممكن أقاموا الجنس مقام هذا التعداد، فإذا أنت عدلت عن اسم الجنس وذكرت اسما لا يتناول غير فرد واحد - وهو المعرفة - كنت خليقا بأن تعوض «لا» عما فاتها من نفي الجنس، وذلك بتكرار اسمها؛ فافهم ذلك وتدبره جيدا فإنه كلام جيد. -