أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب «لا» العاملة عمل إن:

صفحة 27 - الجزء 2

  وهو كثير، وعند سيبويه والخليل أنّ «ألا» هذه بمنزلة أتمنّى فلا خبر لها، وبمنزلة: «ليت» فلا يجوز مراعاة محلّها مع اسمها، ولا إلغاؤها إذا تكررت، وخالفهما المازنيّ والمبرد، ولا دليل لهما في البيت، إذ لا يتعيّن كون: «مستطاع» خبرا، أو صفة، و: «رجوعه» فاعلا، بل يجوز كون «مستطاع» خبرا مقدما، و «رجوعه» مبتدأ مؤخرا، والجملة صفة ثانية.

  وترد «ألا» للتنبيه فتدخل على الجملتين نحو: {أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ}⁣(⁣١) {أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ}⁣(⁣٢) وعرضيّة وتحضيضيّة فتختصّان بالفعلية نحو: {أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ}⁣(⁣٣) {أَ لا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ}⁣(⁣٤).


= المضارع بعد فاء السببية في جوابه.

وقد استدل أبو عثمان المازني وأبو العباس المبرد بهذا البيت على أن «ألا» الدالة على التمني يجوز ذكر خبرها ويجوز مراعاة محلها مع اسمها فيعطف بالرفع بعدها كما يصح ذلك مع «لا» التي لم تقترن بها الهمزة الدالة على التمني، وخالفا في ذلك سيبويه وشيخه الخليل بن أحمد.

ووجه استدلالهما بهذا البيت أنهما أجازا في قوله: «مستطاع» أن يكون خبرا ل «ألا» أو يكون نعتا لعمر باعتبار محله مع لا، فإن سيبويه يجعل محل لا مع اسمها رفعا على الابتداء، فإن جعلت قوله: «مستطاع» خبر ألا كان ذلك دليلا على جواز ذكر خبر «ألا» وهو خلاف ما ذهب إليه سيبويه والخليل، وإن جعلت قوله «مستطاع» نعتا لعمر كان الشاعر قد راعى محل ألا مع اسمها، وهذا أيضا غير الذي ذهب إليه سيبويه، فالبيت على كلا الوجهين رد على الخليل وسيبويه.

والجواب أنه يكون ردا على سيبويه والخليل إذا لم يكن له وجه من وجوه الإعراب غير هذين الوجهين، فأما إذا كان له وجه ثالث هو ما ذكرناه في الإعراب فإنه لا يصلح للاستدلال به لما ذهبا إليه، لأن الدليل - كما قلنا مرارا - متى تطرق إليه الاحتمال لم يصلح للاستدلال.

(١) سورة يونس، الآية: ٦٢.

(٢) سورة هود، الآية: ٨.

(٣) سورة النور، الآية: ٢٢.

(٤) سورة التوبة، الآية: ١٣.