هذا باب «لا» العاملة عمل إن:
  مسألة: وإذا جهل الخبر وجب ذكره، نحو: «لا أحد أغير من اللّه ø» وإذا علم فحذفه كثير، نحو: {فَلا فَوْتَ}(١) {قالُوا لا ضَيْرَ}(٢) ويلتزمه التميميون والطائيون(٣).
(١) سورة سبأ، الآية: ٥١.
(٢) سورة الشعراء، الآية ٥٠.
(٣) هذه العبارة - وهي قول المؤلف «ويلتزمه التميميون والطائيون» - تحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون الضمير في قوله: «ويلتزمه» عائدا على حذف الخبر من غير قيد، فيكون مؤدى العبارة أن تميما وطيئا يلتزمان حذف خبر «لا» مطلقا، نعني سواء أعلم أم لم يعلم، وهذا المعنى هو الذي يفهم من كلام الزمخشري في المفصل (ص ٨٩ بتحقيقنا) حيث يقول «وقول حاتم»:
ولا كريم من الولدان مصبوح
يحتمل أمرين أحدهما أن يترك فيه طائيته إلى اللغة الحجازية، والثاني ألا يجعل مصبوحا خبرا، ولكن صفة محمولة على محل لا مع المنفي» اه. كلامه، ولا شك أن قول حاتم «مصبوح» لو حذف لم يدل عليه دليل، وقد حكم جار اللّه بأنك لو جعلته خبرا للاكنت قد حكمت على حاتم بأنه ترك لغته الطائية لأنها تحذف خبر لا دائما، وجرى على لغة أهل الحجاز، وهي التي تذكر خبر لا في بعض الأحوال.
والوجه الثاني مما تحتمله عبارة المؤلف أن يكون الضمير في «ويلتزمه» عائدا على الخبر بقيد كونه معلوما، فيكون مؤدى العبارة أن تميما وطيئا يلتزمان حذف خبر لا إذا كان معلوما بقرينة ما، ويكون الفرق بين هاتين القبيلتين وبين الحجازيين أن الحجازيين يجيزون ذكر الخبر المعلوم كما يجيزون حذفه، وأما هما فلا يجيزان ذكره، أما الخبر الذي لا يعلم إذا حذف فإن الجميع يلتزمون ذكره، وعلى هذا الوجه حمل الشيخ خالد كلام المؤلف، وهو قريب من الصواب، لأن الخبر الذي لا يعلم إذا حذف لا يوصل إلى تقديره، فكيف يستساغ حذفه؟ إلّا أن يدعى لتميم وطيئ أنهما يلتزمان جعل خبر «لا» كونا عاما، ويلتزمان - مع ذلك - حذفه، فيسهل فهم الكلام حينئذ.
هذا، وقد قال أبو حيان: إن أكثر ما يحذف الحجازيون خبر لا إذا كان مع إلّا نحو «لا إله إلّا اللّه» اه كلامه، وقد اختلف النحاة في إعراب هذه الجملة، ونحن نعربها لك إعرابا قريبا، فلا: نافية للجنس تعمل عمل إن، وإله: اسم لا، مبني على الفتح في محل نصب، وخبر لا محذوف، والتقدير: لا إله لنا، أو لا إله موجود، وإلا: أداة =