هذا باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر، فتنصبهما مفعولين
  أو تأخّره، ك «زيد ظننت قائم» و «زيد قائم ظننت»(١) قال:
= فتأخر الفعل عن المفعولين جميعا أو توسط بينهما لم يلتزموا الإعمال، وأجازوا الإعمال والإلغاء جميعا.
فإن قلت: فهل يجري كل واحد من الإلغاء والتعليق في شيء من الأفعال غير أفعال القلوب هذه؟.
فالجواب عن هذا السؤال أن نقول لك:
أما الإلغاء فقد أجمع النحاة بصريهم وكوفيهم على أنه لا يجري في شيء من الأفعال سوى أفعال القلوب المعقود لها هذا الباب.
وأما التعليق فإن للنحاة فيه مذهبين:
الأول: - وهو مذهب يونس بن حبيب - أنه يجري في جميع الأفعال القلبية وغير القلبية، فيجوز عنده أن تقول «ضربت أيهم في الدار» على أن يكون «أيهم» اسم استفهام مبتدأ، و «في الدار» جارا ومجرورا يتعلق بمحذوف خبر، وجملة المبتدأ والخبر في محل نصب بضربت، وقد ذكرنا في باب الاسم الموصول أنه حمل على التعليق قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ} وهذا مذهب غير مرضي عند العلماء.
الثاني: - وهو مذهب الجمهور - أن التعليق يجري في أربعة أنواع من الفعل:
النوع الأول: كل فعل يدل على الشك، وليس فيه ترجيح لأحد الجانبين على الآخر، نحو قولك: شككت أزيد في الدار أم عمرو، وترددت أوفيّ أنت أم غادر، ونسيت أكنت معنا أمس أم لم تكن.
النوع الثاني: كل فعل يدل على العلم، نحو قولك: علمت أصادق أنت أم كاذب، ودريت أيصدق فعلك مقالك أم لا، وتبينت أتؤدي واجبك أم تهمله.
النوع الثالث: كل فعل يطلب به العلم، نحو قولك: فكرت أمقيم أنت أم ظاعن، وابتليت عليا أيصبر أم يجزع، وامتحنت خالدا أيشكر الصنيعة أم يجحدها، واستفهمت أحضر بكر أم غاب.
النوع الرابع: كل فعل من أفعال الحواس الخمس، نحو لمست، وأبصرت، ونظرت، واستمعت، وشممت، وذقت، كقولك: لمست أناعم جلدك أم خشن، وشممت أطيب ريحك أم نتن، وأبصرت أسريعة خطاك أم بطيئة.
(١) ظاهر عبارة المؤلف ههنا أن للإلغاء صورتين ليس غير: =