هذا باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر، فتنصبهما مفعولين
  وإلغاء المتأخّر أقوى من إعماله، والمتوسّط بالعكس، وقيل: هما في المتوسّط بين المفعولين سواء.
  الثالث: التعليق، وهو إبطال العمل لفظا لا محلّا، لمجيء ما له صدر الكلام بعده، وهو: لام الابتداء، نحو: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ}(١)، ولام القسم، كقوله:
  [١٨٧] -
  ولقد علمت لتأتينّ منيّتي
= أيضا، وهذان المفعولان هما المبتدأ والخبر الآن، وذلك قوله «هما سيدانا» ولو أنه أخرهما عن الفعل لنصبهما به فقال «يزعمانهما سيدينا» وذلك ظاهر إن شاء اللّه.
ومثله البيت الذي أنشدناه في ص ٦٤ عند بيان الصورة الثانية من صور الإلغاء.
(١) سورة البقرة، الآية: ١٠٢.
[١٨٧] - هذا صدر بيت من الكامل، وعجزه قوله:
إنّ المنايا لا تطيش سهامها
والبيت من كلام لبيد بن ربيعة العامري، وقد أنشده الأشموني في باب ظن وأخواتها (رقم ٣٣٦) والمؤلف في قطر الندى (رقم ٧٣) وفي شذور الذهب (رقم ١٨٥) وهو من قصيدة لبيد المعدودة في المعلقات والتي أولها قوله:
عفت الدّيار محلّها فمقامها ... بمنّى تأبّد غولها فرجامها
اللغة: «منيتي» المنية: الموت، وأصلها فعيلة بمعنى مفعولة من منى يمني - بوزن رمى يرمي - ومعناه قدر، ولحقتها التاء لأنها قد صارت اسما «لا تطيش» لا تخيب، بل تصيب المرمى دائما «سهامها» السهام: جمع سهم.
المعنى: إني موقن أنني سألاقي الموت حتما، لأن الموت نازل بكل إنسان، ولا يفلت منه أحد أبدا.
الإعراب: «لقد» اللام موطئة للقسم، قد: حرف تحقيق «علمت» فعل ماض وفاعل «لتأتين» اللام واقعة في جواب القسم، تأتي: فعل مضارع، مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، ونون التوكيد حرف لا محل له من الإعراب «منيتي» منية: فاعل تأتي، مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، مبني على السكون في محل جر، والجملة من الفعل المؤكد والفاعل لا محل لها من الإعراب جواب القسم «إن» حرف توكيد ونصب «المنايا» اسم إن، منصوب بفتحة =