هذا باب الفاعل
  وهو عندنا ضرورة، أو: «مشيها» مبتدأ حذف خبره، أي يظهر وئيدا، كقولهم: «حكمك مسمّطا» أي: حكمك لك مثبتا، قيل: أو: «مشيها» بدل من ضمير الظرف.
  الثالث: أنه لا بدّ منه(١)، فإن ظهر في اللفظ نحو: «قام زيد، والزيدان قاما» فذاك، وإلّا فهو ضمير مستتر راجع: إما لمذكور، ك «زيد قام» كما مرّ، أو لما دلّ عليه الفعل كالحديث: «لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين
(١) قد ذكر أكثر النحاة أنه يطرد حذف الفاعل في ستة مواضع:
الأول: في الفعل المبني للمجهول، نحو قوله تعالى: {وَغِيضَ الْماءُ} وقوله سبحانه: {وَقُضِيَ الْأَمْرُ}.
الثاني: في الاستثناء المفرغ، نحو قولك: ما حضر إلا هند.
الثالث: في أفعل الذي على صورة الأمر في التعجب إذا كان معطوفا على مثله، نحو قوله تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} فإنه قد حذف فاعل أبصر لدلالة فاعل أسمع عليه، وسهل ذلك في هذا الموضع كون فاعل أفعل هذا على صورة الفضلة فإنه مجرور بالباء الزائدة دائما، فلما جاء على صورة الفضلة أخذ بعض حكمها وهو جواز الحذف.
الرابع: فاعل المصدر، نحو قوله تعالى: {أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ١٤ يَتِيماً} فإن فاعل (إطعام) محذوف، وتقديره: أو إطعامك في يوم - الخ، وقد ذكر مفعول هذا المصدر في الكلام وهو قوله: (يتيما).
الخامس: فاعل الأفعال المكفوفة بما، وهي ثلاثة أفعال، وهي قل، وكثر، وطال، تقول: قلما يحظى بالخير كسول، وكثر ما نهيتك عن التواني، وطالما سعيت في الخير، فإن جعلت ما مصدرية لم يكن الكلام من هذه البابة، وكانت «ما» وما دخلت عليه في تأويل مصدر فاعل، والتقدير: قل حظوة كسول بالخير، وكثر نهيي إياك، وطال سعيي في الخير، وهكذا.
السادس: أن يكون الفاعل قد عرضت له علة تصريفية اقتضت حذفه، وذلك مثل التقاء الساكنين الذي اقتضى حذف واو الجماعة في نحو قولك: «يا قوم اضربن» وحذف ياء المؤنثة المخاطبة في نحو قولك: «يا هند اضربن» ولا يقال: إن المحذوف لعلة كالثابت، لأننا نقول: إننا نريد أن نحصي لك مواضع الحذف مطلقا.