هذا باب الفاعل
  أي: إذا كان هو - أي: ما نحن الآن عليه من سلامة - أو فإن كان هو - أي: ما تشاهده منّي - وعن الكسائي إجازة حذفه تمسّكا بنحو ما أوّلناه(١).
  الرابع: أنه يصحّ حذف فعله، إن أجيب به نفي، كقولك: «بلى زيد» لمن قال:
  ما قام أحد، أي: بلى قام زيد، ومنه قوله:
  [٢٠٣] -
  تجلّدت حتّى قيل: لم يعر قلبه ... من الوجد شيء، قلت: بل أعظم الوجد
= «لا» نافية «إخالك» إخال: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، وضمير المخاطب مفعول به أول «راضيا» مفعول ثان، وجملة «لا إخالك راضيا» هي جواب الشرط الذي هو إن، ورفع الجواب بعد هذا الشرط الماضي حسن لا غبار عليه، وفي تقرير هذه القاعدة يقول ابن مالك في الألفية:
وبعد ماض رفعك الجزا حسن
الشاهد فيه: قوله: «فإن كان لا يرضيك» فإن الكسائي ذهب إلى أن اسم كان على تقدير كونها ناقصة أو فاعلها على تقدير كونها تامة محذوف، وتمسك بهذا البيت وما يشبهه، فأجاز أن يحذف الفاعل وما هو بمنزلة الفاعل كاسم الأفعال الناسخة.
وجمهور النحاة البصريين ينكرون عليه ذلك، لا يجيزون حذف الفاعل؛ بل لا بد عندهم من أحد أمرين: أولهما أن يكون الفاعل مذكورا في الكلام، وثانيهما أن يكون مضمرا، ولما لم يكن في هذا الكلام مذكور يصلح أن يكون اسما لكان أو فاعلا لها قالوا: إن اسمها مضمر جوازا تقديره هو، ولما كان لا بد لضمير الغائب بارزا أو مستترا من مرجع يعود إليه، ولم يكن في هذا اللفظ ما يصلح أن يكون مرجعا لهذا الضمير، قالوا: إنه يعود على الحال المشاهدة للمتكلم والسامع.
(١) قد ذكرنا في بيان الاستشهاد بالبيت (٢٠١) مقالة الكوفيين ومقالة البصريين في هذه المسألة، وأدلة الفريقين، والرد على ما ذهب إليه الكوفيون، فارجع إلى ذلك هناك إن شئت.
[٢٠٣] - هذا بيت من الطويل، ولم أقف لهذا البيت على نسبة إلى قائل معين، ولا عثرت له على سوابق أو لواحق تتصل به.
اللغة: «تجلدت» تكلفت الجلد، والجلد - بفتح الجيم واللام جميعا - الصبر والقوة على احتمال الشيء الشاق أو المكروه «لم يعر قلبه» لم ينزل به «الوجد» شدة الحب.
المعنى: إني تكلفت الصبر على هجرانكم، والقوة على احتمال دلالكم، حتى ظن =