[الباب الأول: باب الأسماء الستة،]
  وقولهم للمرأة «حماة»(١)
= عليهم ناس من أشجع وهم في إبلهم، فقتلوا إخوته جميعا، وبقي هو وحده، وكان أصغرهم، وكان محمقا.. وغبر على ذلك دهر، ثم أخبر أن أناسا من أشجع في غار يشربون، فانطلق بخال له يقال له أبو حنش، فقال له: هل لك في غار فيه ظباء لعلنا نصيب منها؟ وانطلق بيهس بخاله حتى أقامه على فم الغار وهو يقول: ضربا أبا حنش، فقال بعضهم: إن أبا حنش لبطل، فقال أبو حنش: مكره أخاك لا بطل، هكذا روى الميداني، وحكى شارح الكتاب القصة على عكس ذلك، على أن أبا حنش هو الذي دفع بيهسا في الغار، ولعله هو الصواب، فإنه ينسب إلى المتلمس قوله:
قيل: وعزم معاوية بن أبي سفيان على عمرو بن العاص يوما ليخرجن إلى قتال علي بن أبي طالب، ¤ أجمعين، فلما التقيا قال عمرو: مكره أخاك لا بطل فأعرض عنه علي ولم يحاربه، ومنه تعلم أن نسبة قول هذا المثل إلى عمرو بن العاص ليست على ما يقتضيه الظاهر، وإنما تمثل به عمرو.
الإعراب: «مكره» خبر مقدم مرفوع بالضمة الظاهرة «أخاك» أخا: مبتدأ مؤخر، مرفوع بضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، وأخا مضاف وضمير المخاطب مضاف إليه، مبني على الفتح في محل جر «لا» حرف عطف «بطل» معطوف بلا على مكره، والمعطوف على المرفوع مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة ولا يجوز أن تجعل «مكره» مبتدأ، وتجعل «أخاك» نائب فاعل سد مسد الخبر؛ لأن من شرط صحة ذلك عند جمهرة النحاة أن يكون المبتدأ معتمدا على نفي أو استفهام، نعم لو جريت على مذهب الكوفيين الذين لا يشترطون الاعتماد على النفي أو الاستفهام كان لك أن تعربه هذا الإعراب.
الشاهد فيه: قوله: «أخاك» حيث أتى بهذه الكلمة بالألف مع كونها في موضع رفع، سواء أجريت على مذهب البصريين فجعلت «أخاك» مبتدأ مؤخرا أم جريت على مذهب الكوفيين فجعلت «أخاك» نائب فاعل بمكره سد مسد خبره - ومجيء هذه الكلمة بالألف في موضع الرفع يدل على أن المتكلم اعتبر رفعه بضمة مقدرة على الألف كالأسماء المقصورة.
(١) قد ورد من ذلك قول الراجز:
إنّ الحماة أولعت بالكنّه ... وأولعت كنّتها بالهنّه
والكنة: امرأة الابن، ووجه الاستدلال أنهم إذا قالوا للأنثى «حماة» فإنهم يقولون =