أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب النائب عن الفاعل

صفحة 128 - الجزء 2

  فالمعنى ويعتلل الاعتلال المعهود، أو اعتلال، ثم خصّصه بعليك أخرى محذوفة للدليل، كما تحذف الصفات المخصّصة، وبذلك يوجّه: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ}⁣(⁣١)، وقوله:


= ويعتلل الاعتلال المعهود، كما يجوز أن يكون مرجعه مصدرا موصوفا بجار ومجرور مدلول عليه بعليك السابق، وكأنه قال: ويعتلل اعتلال واقع عليك «يسؤك» يسؤ: فعل مضارع جواب الشرط، مجزوم وعلامة جزمه السكون، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، وضمير المخاطب مفعول به مبني على الفتح في محل نصب «وإن» الواو حرف عطف، إن: حرف شرط جازم يجزم فعلين «يكشف» فعل مضارع مبني للمجهول، فعل الشرط «غرامك» غرام: نائب فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة، وغرام مضاف وضمير المخاطب مضاف إليه «تدرب» فعل مضارع جواب الشرط، مجزوم وعلامة جزمه السكون، وحرك بالكسر لأجل الروي، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

الشاهد فيه: قوله: «ويعتلل» في رواية من رواه بياء الغيبة وبالبناء للمجهول فإن ابن درستويه وجماعة من النحاة قد زعموا أن نائب فاعل هذا الفعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، وأنه عائد على مصدر هذا الفعل، وأن التقدير: ويعتلل هو: أي ويعتلل اعتلال، وذهبوا إلى أن ذلك يدل على جواز نيابة المصدر المبهم عن الفاعل؛ لأنه إذا ثبت بهذا البيت صحة نيابة ضمير المصدر المبهم فإن نيابة المصدر المبهم نفسه تكون أولى وأحق بالجواز.

وجمهرة النحاة لا يجيزون نيابة المصدر المبهم، من قبل أن هذا المصدر المبهم لا يفيد شيئا جديدا لم يفده الفعل، وهم لا ينكرون أن نائب الفاعل في البيت ضمير مستتر تقديره هو يعود إلى مصدر هذا الفعل، ولكنهم ينكرون أن يكون المصدر الذي يعود إليه الضمير هو المصدر المبهم، بل مرجع الضمير مصدر مختص، واختصاصه إما بأن يكون مقترنا بأل العهدية، وإما بأن يكون بالوصف المحذوف المدلول عليه بالجار والمجرور المذكور مع الفعل السابق، على نحو ما ذكرناه في إعراب البيت، وإذا كان المرجع مصدرا معينا لم يدل البيت على صحة نيابة المصدر المبهم.

أما على رواية من روى «نبخل عليك ونعتلل» فلا شاهد في البيت على شيء من ذلك، لأن الفعل مبني للفاعل، وفاعل كل واحد من الفعلين ضمير متكلم مستتر فيه وجوبا تقديره نحن، وضمير المتكلم أعرف المعارف كما هو متعالم مشهور.

(١) سورة سبأ، الآية: ٥٤، والتوجيه الذي أشار المؤلف إليه في هذه الآية أن نائب فاعل =