هذا باب النائب عن الفاعل
= و «ما» اسم موصول مضاف إليه، مبني على السكون في محل جر «يهوى» فعل مضارع «امرؤ» فاعل يهوى مرفوع بالضمة الظاهرة، وجملة الفعل وفاعله لا محل لها صلة الموصول، والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل بيهوى، والتقدير:
وما كل الذي يهواه امرؤ «هو» ضمير منفصل مبتدأ «نائله» نائل: خبر المبتدأ، ونائل مضاف وضمير الغائب مضاف إليه، وجملة المبتدأ وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو كل المضاف إلى الاسم الموصول.
الشاهد فيه: قوله: «حيل دونها» فإن جماعتين من النحاة قد خرجت كل واحدة منهما هذه العبارة تخريجا لا ترتضيه الجمهرة.
أما الجماعة الأولى - ومنهم الأخفش - فقد ذهبت إلى أن «دونها» نائب فاعل لحيل، مع أن «دون» ظرف غير متصرف، نعني أنه لا يفارق النصب على الظرفية إلى التأثر بالعوامل.
وأما الجماعة الأخرى - ومنهم ابن درستويه - فقد ذهبت إلى أن نائب فاعل حيل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى مصدر مبهم هو مصدر هذا الفعل، وكأنه قد قيل:
حيل حول، مع أن هذا المصدر غير مختص.
وكلا التخريجين غير مرضيّ عند جمهور النحاة: أما التخريج الأول فعلة إنكاره أن الظرف غير متصرف لأنه لا يفارق النصب على الظرفية إلى التأثر بالعوامل، وأما التخريج الثاني فعلة إنكاره أنه لا فائدة فيه؛ إذ المصدر المبهم مستفاد من الفعل - ولذلك يقع تأكيدا له، وأنت تعلم أن المؤكد والمؤكد بمعنى واحد - فيتحد معنى المسند والمسند إليه، ومن شرط صحة الكلام تغايرهما في المعنى، بخلاف ما إذا كان المصدر مختصا، فإن الفعل مطلق ومدلول المصدر حينئذ مقيد، فيتغايران فتحصل الفائدة.
ولما كان هذان التخريجان منكرين لما ذكرنا خرج الجمهور البيت على أن نائب فاعل حيل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى مصدر مقترن بأل العهدية، وكأنه قد قيل: حيل الحول المعهود، أو يعود إلى مصدر موصوف بدون، وكأنه قد قيل: حيل حول واقع دونها، وذلك كله نظير ما ذكرناه في تخريج الآية الكريمة وفي تخريج الشاهد السابق قبل هذا، فتدبر واللّه يرشدك.