أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[لا ينوب غير المفعول به مع وجوده خلافا للكوفيين]

صفحة 134 - الجزء 2

  وقوله:

  [٢٢٩] -

  لم يعن بالعلياء إلّا سيّدا


لأنه اسم مفعول يعمل عمل الفعل المبني للمفعول «قلبه» قلب: مفعول به لمعنيّ، منصوب بالفتحة الظاهرة، وضمير الغائب العائد إلى المنيب مضاف إليه، وما المصدرية الظرفية مع ما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بإضافة اسم زمان يتعلق بيرضي، وتقدير الكلام: يرضي المنيب ربه مدة دوامه معنيا - الخ.

الشاهد فيه: قوله: «معنيا بذكر قلبه» حيث أناب الجار والمجرور - وهو قوله:

«بذكر» - عن الفاعل، مع وجود المفعول به - وهو «قلبه» - والدليل على أنه أناب الجار والمجرور عن الفاعل ولم ينب المفعول به: إتيانه بالمفعول به منصوبا، ولو أنه أنابه عن الفاعل لرفعه، وآية أنه منصوب مجيئه حرف روي في أبيات منصوبة الرويّ.

[٢٢٩] - هذا بيت من الرجز المشطور، وبعده قوله:

ولا شفى ذا الغيّ إلّا ذو هدى

ونسبوا هذا البيت لرؤبة بن العجاج، وقد راجعت ديوان أراجيزه فوجدت هذا البيت في زيادات الديوان، لا في أصله، وقبله قوله:

وقد كفى من بدئه ما قد بدا ... وإن ثنى في العود كان أحمدا

اللغة: «بدئه» مبدأ أمره وأول شأنه «بدا» ظهر «ثنى» عاد، تقول: ثنى يثني - بوزان رمى يرمي - وأصل معناه جمع طرفي الحبل فصير ما كان واحدا اثنين «كان أحمدا» مأخوذ من قولهم: عود أحمد، يريدون أنه محمود «يعن» فعل مضارع ماضيه عني، وهو من الأفعال الملازمة للبناء للمفعول، ومعناه على هذا أولع، تقول: عني فلان بحاجتي، وهو معنيّ بها، إذا كان قد أولع بقضائها «العلياء» هي خصال المجد التي تورث صاحبها سموّا ورفعة قدر «شفى» أبرأ، والمراد به هنا هدى، مجازا «الغي» الجري مع هوى النفس، والتمادي في الأخذ بما يوبقها «هدى» بضم الهاء - هو الرشاد وإصابة الجادة.

المعنى: لم يشتغل بمعالي الأمور ولم يولع بخصال المجد إلا أصحاب السيادة والطموح، ولم يشف ذوي النفوس المريضة والأهواء المتأصلة من دائهم الذي أصيبت به نفوسهم، إلا ذوو الهداية والرشد.

الإعراب: «لم» حرف نفي وجزم وقلب «يعن» فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم بلم، وعلامة جزمه حذف الألف والفتحة قبلها دليل عليها «بالعلياء» جار ومجرور نائب عن =