أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب التنازع في العمل

صفحة 172 - الجزء 2

  ولو كان من التنازع لقال: «أتاك أتوك» أو «أتوك أتاك»، ولا في نحو:

  [٢٤١] -

  وعزّة ممطول معنّى غريمها


= ولم أقف لهذا البيت على نسبة إلى قائل معين، ولا عثرت له على سوابق أو لواحق تتصل به.

المعنى: الظاهر أن الشاعر قائل هذا البيت كان فارّا من قوم، فنظر خلفه فوجدهم في أثره، أو أنه قد أدركه لصوص وهو سائر في طريق مخوف فخاطب دابته لتجد في السير أو ليحملها على ذلك، هذا إن قرأته بكسر الكاف في «أتاك» أو خاطب نفسه إن قرأته بفتح الكاف، وفي البيت على هذا التفات على ما هو مذهب السكاكي الذي لا يشترط في تحقيق معنى الالتفات تقدم تعبير على خلاف ما فيه الالتفات، وذلك لأن مقتضى الظاهر أن يحدث عن نفسه فيقول: «أتاني أتاني اللاحقون».

ويروى «أتاك أتاك اللاحقون» على إضافة الوصف لضمير الخطاب.

الإعراب: «أتاك» أتى: فعل ماض، وكاف الخطاب مفعول به مبني على الكسر أو على الفتح في محل نصب «أتاك» توكيد للأول من باب توكيد الفعل بالفعل، وإنما أتى بضمير الخطاب ليوافق الأول ليس غير؛ فلا عمل للفعل الثاني في الكاف «اللاحقون» فاعل أتى الأول، مرفوع بالواو نيابة عن الضمة لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد «احبس» فعل أمر مبني على السكون لا محل له من الإعراب. وحرك بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «احبس» توكيد للفعل الأول.

الشاهد فيه: قوله: «أتاك أتاك اللاحقون» فإن هذا التركيب يدل على أنه ليس من باب التنازع، بل العامل الثاني قد أتى به لمجرد تقوية العامل الأول وتأكيده؛ فهو من باب تأكيد الفعل بالفعل؛ وبيان ذلك أنه لو كان من باب التنازع لكان مما لا بد منه أن يعمل أحد العاملين في لفظ المعمول ويعمل الآخر في ضميره؛ فلو أعمل العامل الأول في لفظه لقال: «أتاك أتوك اللاحقون» ولو أعمل العامل الثاني في لفظه لقال: «أتوك أتاك اللاحقون» لكنه لم يقل واحدا من هذين التركيبين؛ فدل على أنه لم يجره على منهج التنازع، فيكون قوله: «هيهات هيهات العقيق» جاريا على هذا النحو أيضا.

[٢٤١] - هذا الشاهد من كلام كثير عزة، وهو كثير بن عبد الرحمن، وما ذكره المؤلف عجز بيت من الطويل، وصدره قوله:

قضى كلّ ذي دين فوفّى غريمه

=