[الباب الثالث: باب جمع المذكر السالم]
  وقال:
  [١٢] -
  دعاني من نجد فإنّ سنينه
= أنهم يجرونه بالفتحة نيابة عن الكسرة ويعاملونه معاملة الاسم الذي لا ينصرف لشبه العجمة.
قال أبو رجاء غفر اللّه له ولوالديه: وإذا تذكرت أن فرض الكلام أن هذا النوع من الملحق بجمع المذكر السالم ليس علما علمت أن الصواب هو كلام ابن مالك لأن منعه من الصرف لشبه العجمة وحده غير صحيح؛ لأن العجمة نفسها لا يمنع الاسم من الصرف إلّا أن يكون علما، فاحفظ ذلك وتدبره.
وعلى لغة بني عامر ورد قول رسول اللّه ﷺ في الدعاء على أهل مكة: «اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف» بتنوين «سنينا» المنصوب بالفتحة الظاهرة، وإثبات النون من غير تنوين في «سنين» المجرور بالكسرة من غير تنوين لكونه مضافا إلى ما بعده.
[١٢] - هذا صدر بيت من الطويل، وعجزه قوله:
لعبن بنا شيبا وشيّبننا مردا
وهذا البيت من كلمة للصمة بن عبد اللّه القشيري، وكان الصمة قد خطب ابنة عمه فاشتط عليه عمه في المهر، ورغب هو إلى أبيه في أن يسوق إلى عمه المهر الذي يطلبه فبخل عليه، فخرج مغاضبا لأبيه وعمه، وارتحل إلى طبرستان فأقام بها حياته، فهو تارة يحن إلى نجد لأن بها أحباءه، وتارة يذم نجدا لأنها موطن هذين الشيخين اللذين فرطا فيه من أجل بعران: هذا فرط فيه جشعا وطمعا، وذلك فرط فيه ضنانة وبخلا، وأول هذه القصيدة التي منها بيت الشاهد قوله:
خليليّ إن قابلتما الهضب أو بدا ... لكم سند الوركاء أن تبكيا جهدا
سلا عبد لعلى حيث أوفى عشيّة ... خزازى ومدّ الطّرف هل أنسي النّجدا
فما عن قلى للنّجد أصبحت ها هنا ... إلى جبل الأوشال مستخبيا بردا
اللغة: «دعاني» معناه اتركاني، ويروى في مكانه «ذراني» وهما بمعنى واحد «نجد» هو أحد أقسام بلاد العرب، وهو ما ارتفع من تهامة إلى أرض العراق، وما عداه فهو الغور - بفتح الغين المعجمة وسكون الواو - «سنينه» جمع سنة، وهي في الأصل العام، وتطلق السنة على الجدب والقحط «مردا» جمع أمرد، وهو الذي لم ينبت الشعر بوجهه.
المعنى: ينهى صاحبيه عن أن يذكرا له نجدا؛ لأنه إذا ذكر له تذكر ما لقيه من الجهد =