هذا باب المفعول المطلق
  وواقع في الخبر، وذلك في مسائل:
  إحداها: مصادر مسموعة كثر استعمالها، ودلّت القرائن على عاملها، كقولهم عند تذكر نعمة وشدة: «حمدا وشكرا لا كفرا» و «صبرا لا جزعا» وعند ظهور أمر معجب «عجبا» وعند خطاب مرضيّ عنه أو مغضوب عليه «أفعله وكرامة ومسرّة» و «لا أفعله ولا كيدا ولا همّا».
= أسود وفيه شعاب فيها أوشال تحبس الماء من سنة إلى سنة، وقال البكري: شعبى جبيلات متشعبة فلذلك سميت شعبى «ألؤما» اللؤم - بالضم - ضد الكرم، وهو فعل من الأفعال الخسيسة الدنيئة وفعله من باب ضده وهو كرم «لا أبالك» هذه عبارة تستعمل في الذم بأن يراد أنه مجهول النسب كما هو المراد هنا، وقد يراد بها المدح بأن يراد نفي نظير الممدوح بنفي أبيه، وقد تستعمل هذه العبارة في معنى التعجب كما في «للّه دره»! وقد تستعمل في الحث على الجد والتشمير لأن من له أب يتكل عليه في شؤونه كلها عادة.
الإعراب: «أعبدا» الهمزة للنداء، عبدا: منادى شبيه بالمضاف لكونه موصوفا، منصوب بالفتحة الظاهرة «حل» فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، وجملة الفعل وفاعله في محل نصب صفة لعبدا «في شعبى» جار ومجرور متعلق بحل «غريبا» حال من فاعل حل «ألؤما» الهمزة للاستفهام التوبيخي، لؤما: مفعول مطلق لفعل محذوف وجوبا، وتقدير الكلام: أتلؤم لؤما «لا» نافية للجنس «أبا» اسم لا منصوب بالألف نيابة عن الفتحة لأنه من الأسماء الستة «لك» اللام زائدة لتأكيد الإضافة، وكاف المخاطب في محل جر بإضافة «أبا» إليها «واغترابا» الواو حرف عطف مبني على الفتح لا محل له، اغترابا: منصوب على أنه مفعول مطلق عامله محذوف، والتقدير، وتغترب اغترابا، وجملة الفعل المحذوف معطوفة على جملة ألؤما.
الشاهد فيه: قوله «ألؤما واغترابا» فقد اشتملت هذه العبارة على مصدر واقع بعد همزة استفهام دالة على التوبيخ، والعامل في هذا المصدر محذوف وجوبا عند جميع العلماء، على نحو ما بيناه في شرح الشاهد السابق، ونظيره قول العجاج:
أطربا وأنت قنّسريّ ... والدّهر بالإنسان دوّاريّ؟