أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب المفعول فيه، وهو المسمى ظرفا

صفحة 205 - الجزء 2


= ونصب، وضمير المخاطبة اسمه (لا) نافية (خل) خبر أن (لديّ) لدى: ظرف متعلق بمحذوف صفة لخل، وياء المتكلم مضاف إليه (ولا) الواو حرف عطف، ولا: زائدة لتأكيد النفي (خمر) معطوف على خل، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مرفوع معطوف على المصدر المنسبك من أن المؤكد السابقة.

الشاهد فيه: اعلم أن بيان الاستشهاد بهذا البيت يستدعي أن نقدم لك إيضاح مسألة حاصلها أنه قد ورد عن العرب نحو قولك: (أحقا أنك فعلت كذا): فمن ذلك قول ابن الدمينة:

أحقا - عباد اللّه - أن لست صادرا ... ولا واردا إلّا عليّ رقيب

وقول النابغة الجعدي:

ألا أبلغ بني خلف رسولا ... أحقا أنّ أخطلكم هجاني

ومن ذلك قول الأسود بن يعفر:

أحقا - بني أبناء سلمى بن جندل - ... تهدّدكم إيّاي وسط المجالس

ومن ذلك قول الممزق العبدي، واسمه شاس بن نهار:

أحقا - أبيت اللعن - أنّ ابن فرتنا ... - على غير إجرام - بريقي مشرقي

وقد اتفق العلماء على أن أصل (حقا) مصدر، ثم اختلفوا فيما وراء ذلك:

فذهب أبو العباس المبرد إلى أنه باق على مصدريته، وذهب الخليل وسيبويه وجمهور الكوفيين وتبعهم محققو المتأخرين مثل ابن مالك والرضي والمصنف إلى أنه خرج عن مصدريته وصار ظرفا؛ فانتصابه عند المبرد على أنه مفعول مطلق منصوب بفعل محذوف، وعند سيبويه ومن تابعه هو منصوب على أنه ظرف.

والذي ذهب إليه سيبويه ومن معه أولى وأحق بالاتباع، والذي يدل على ذلك أمران؛ الأول: أنه لو كان مصدرا لكان المعنى: أيثبت ثبوتا فعلك، فيكون المتكلم مستفهما عن ثبوت هذا الأمر وحصوله، وليس هذا هو المراد؛ لأنه يعلم حصوله، ولكنه ينكر أن يكون حصوله من الحق الذي هو ضد الباطل، والثاني: تصريح العرب معه بفي الدالة على الظرفية كما في هذا البيت الذي معنا، وكما في قول أبي زبيد الطائي:

أفي حقّ مواساتي أخاكم ... بما لي ثمّ يظلمني السّريس

وكما في قول الآخر:

أفي الحقّ - إن دار الرّباب تباعدت ... أو انبتّ حبل - أنّ قلبك طائر

و (أن) مع اسمها وخبرها في تأويل مصدر اتفاقا، وقد اختلفوا في إعراب هذا المصدر =