[أحوال الاسم الواقع بعد إلا وحكمه]
[أحوال الاسم الواقع بعد إلا وحكمه]
  فإذا استثني ب «إلّا» وكان الكلام غير تامّ، وهو الذي لم يذكر فيه المستثنى منه - فلا عمل ل «إلّا»، بل يكون الحكم عند وجودها مثله عند فقدها، ويسمّى استثناء مفرّغا، وشرطه: كون الكلام غير إيجاب(١)، وهو: النّفي نحو: {وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ}(٢)، والنّهى نحو: {وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ}(٣)، {وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}(٤)، والاستفهام الإنكاريّ نحو: {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ}(٥)، فأما قوله تعالى: {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ}(٦)، فحمل «يأبى» على «لا يريد» لأنهما بمعنى.
  وإن كان الكلام تامّا: فإن كان موجبا وجب نصب المستثنى(٧)، نحو:
(١) إنما شرطوا في الاستثناء المفرغ أن يكون مسبوقا بنفي أو بشبه نفي ومنعوا وقوعه مع الكلام الموجب لأن الكلام السابق لو كان موجبا لكان المعنى الذي يدل عليه مجموع الكلام محالا في مجرى العادة، ألا ترى أنك لو قلت (ضربت إلا زيدا) لكان مؤدى هذه العبارة أنك ضربت جميع الناس إلا زيدا، وهذا معنى غير مستقيم في مجرى العادة، أما لو قلت (ما ضربت إلا زيدا) فإن المعنى الذي تدل عليه هذه العبارة أنك لم تضرب أحدا من الناس إلا زيدا، فإنك ضربته دون من عداه، وهذا معنى مستقيم.
واعلم أن القول بعدم صحة الاستثناء المفرغ مطلقا هو رأي الجمهور، وفيه مذهب ثان، واختاره ابن الحاجب، وحاصله أنه يجوز وقوع الاستثناء المفرغ بعد الإيجاب بشرطين، أحدهما أن يكون ما بعد إلا فضلة، والثاني أن تحصل فائدة كأن يكون المستثنى منه المقدر محصورا في نفسه، ومن أمثلة ذلك (ذاكرت إلا يوم الجمعة) فإن كان ما بعد إلا عمدة نحو (حضر إلا زيد) أو لم تحصل فائدة من الكلام نحو (ضربت إلا زيدا) لم يجز الاستثناء المفرغ.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٤٤.
(٣) سورة النساء، الآية: ١٧١.
(٤) سورة العنكبوت، الآية: ٤٦.
(٥) سورة الأحقاف، الآية: ٣٥.
(٦) سورة التوبة الآية: ٣٢.
(٧) ههنا أمران يجب أن تعرف أقوال العلماء في كل واحد منهما لتكون على بصيرة:
فأما أولهما فقد اختلف النحاة في العامل في الاسم المنصوب بعد إلا، ولهم في هذا =