هذا باب المستثنى
  ونحو: «ما فيها من أحد إلا زيد» برفعهما، و «ليس زيد بشيء إلّا شيئا لا يعبأ به» بالنصب، لأن «لا» الجنسية لا تعمل في معرفة، ولا في موجب، ومن والباء الزائدتين كذلك، فإن قلت: «لا إله إلّا اللّه واحد» فالرفع أيضا، لأنها لا تعمل في موجب.
  ولا يترجّح النصب على الاتباع لتأخّر صفة المستثنى منه على المستثنى، نحو:
  «ما فيها رجل إلّا أخوك صالح» خلافا للمازني(١).
= الجر بمن - لكنت قد جعلت زيدا العلم معمولا لمن الزائدة العاملة في أحد المبدل منه، ونحن نعلم أن من الزائدة لا تدخل إلا على النكرة، ونعلم أيضا أن ما بعد إلا مثبت لأن ما قبلها منفي، ونعلم أن من الزائدة لا تدخل إلا على المنفي، فمن أجل هذا وذاك امتنع الاتباع على لفظ المبدل منه الذي هو أثر لمن الزائدة، وجاز الاتباع على الموضع وهو الرفع على الابتداء، فإن الابتداء ليس أثرا لمن الزائدة.
وأما المثال الثالث - وهو قولنا؛ (ليس زيد بشيء إلا شيئا لا يعبأ به) - فإن المستثنى منه في هذا المثال هو شيء المجرور بالباء الزائدة والواقع خبرا لليس، وشيء هذا نكرة منفية، وشيئا الذي تريد أن تبدله نكرة مثبتة لوقوعه بعد إلا المسبوقة بالنفي، فلو أنك أبدلت شيئا الواقع بعد إلا من شيء المجرور بالباء على اللفظ وهو الجر كنت قد جعلت البدل معمولا للباء الزائدة، وقد علمنا أن الباء الزائدة لا تدخل إلا على النكرة المنفية، والبدل هنا وإن كان نكرة ليس منفيا، فوجب ألا تبدل على اللفظ الذي هو أثر للباء الزائدة، وأن تبدل على الموضع وهو النصب الذي هو أثر ليس.
(١) ضابط هذا المثال: أن يتقدم المستثنى منه، ويقع المستثنى بعده، ثم يؤتى بصفة للمستثنى منه، ويكون الكلام غير موجب، فرجل هو المستثنى منه، و (إلا أخوك) هو المستثنى، وصالح: صفة لرجل، والكلام منفي كما ترى، وأنت تعلم أنه لو تقدم المستثنى منه على المستثنى والكلام منفي، فإن اتباع المستثنى للمستثنى منه يترجح على نصب المستثنى في هذه الحالة، وإذا تقدم المستثنى على المستثنى منه في مثل هذه الحالة نحو (مالي إلا أخاك صديق) وجب نصب المستثنى، فهل يعتبر تقديم المستثنى على وصف المستثنى منه كتقديم المستثنى على المستثنى منه نفسه، أم ينظر إلى تقديم المستثنى منه ولا يلتفت إلى الوصف المتأخر، أم يأخذ حكما جديدا لا هو حكم تأخر المستثنى منه ولا هو حكم تقدمه؟ وقد اختلف النحاة في ذلك، ولهم في =