أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[تتكرر إلا لتوكيد، ولغير توكيد]

صفحة 238 - الجزء 2

[تتكرر إلا لتوكيد، ولغير توكيد]

  فصل: وإذا تكرّرت «إلا» فإن كان التكرار للتوكيد، وذلك إذا تلت عاطفا، أو تلاها اسم مماثل لما قبلها⁣(⁣١) - ألغيت؛ فالأول نحو: «ما جاء إلا زيد وإلا عمرو» فما بعد «إلا» الثانية معطوف بالواو على ما قبلها، و «إلّا» زائدة للتوكيد، والثاني كقوله:

  لا تمرر بهم إلّا الفتى إلّا العلا⁣(⁣٢)

  ف «الفتى» مستثنى من الضمير المجرور بالباء، والأرجح كونه تابعا له في


(١) اعلم أولا أن هذه الأحكام لا تختص بنوع من أنواع الاستثناء، بل تقع في الاستثناء المتصل وفي الاستثناء المنقطع وفي الاستثناء المفرغ، وأمثلة المؤلف تؤيد ذلك، فتمثيله بما جاء إلا زيد وإلا عمرو من الاستثناء المفرغ، والمثال الذي أخذه من كلام الناظم والشاهد رقم ٢٦٤ من الاستثناء التام من كلام منفي.

ثم اعلم أن التكرار للتوكيد يتأتى في العطف بالواو وفي البدل بأنواعه الأربعة التي هي بدل الكل من الكل وبدل البعض من الكل وبدل الاشتمال وبدل الغلط، وعلى هذا الإيضاح يكون في كلام المؤلف قصور في موضعين، الأول في كونه عمم في العاطف فقال: (وذلك إذا تلت عاطفا) مع أن الحكم المذكور - كما نص عليه المحققون - قاصر على العطف بالواو، والثاني كونه خص البدل بما كان الثاني مماثلا للأول وهو بدل الكل من الكل مع أن الحكم عام في جميع أنواع البدل كما قلنا، فمثال بدل الكل من الكل (لا تمرر بهم إلا الفتى إلا العلا) فالفتى مستثنى من الضمير المجرور بالباء في قوله: (بهم) والعلا: بدل من الفتى، وهو بدل كل من كل، ومثال بدل البعض من الكل (ما أعجبني أحد إلا زيد إلا وجهه) فزيد: مستثنى من أحد، ووجهه: بدل من زيد، وهو بدل بعض من كل، ومثال بدل الاشتمال قولك: (ما سرني أحد إلا زيد إلا أدبه) فزيد: مستثنى من أحد، وأدبه: بدل من زيد، وهو بدل اشتمال، ومثال بدل الغلط قولك: (ما أعجبني إلا زيد إلا عمرو) فزيد: مستثنى من أحد، وعمرو: بدل من زيد، وهو بدل غلط.

ثم اعلم ثالثا أنه لا فرق في العطف بالواو بين أن يكون المعطوف عليه هو المستثنى كما في أول أمثلة المؤلف - وهو قوله (ما جاءني إلا زيد وإلا عمرو) وأن يكون المعطوف عليه هو البدل من المستثنى كما في الشاهد رقم ٢٦٤ فإن قوله: (إلا رسيمه) بدل من قوله (إلا عمله) وقوله (وإلا رمله) معطوف على رسيمه، والمؤلف يقول قبل إنشاد البيت: (وقد اجتمع العطف والبدل في قوله).

(٢) هذا من كلام ابن مالك في الألفية.