أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب المستثنى

صفحة 253 - الجزء 2

  والثاني: النصب على أنهما فعلان جامدان لوقوعهما موقع⁣(⁣١) «إلّا» وفاعلهما ضمير مستتر، وفي مفسّره وفي موضع الجملة البحث السابق.

  وتدخل عليهما «ما» المصدرية فيتعين النصب، لتعين الفعلية حينئذ، كقوله:

  [٢٦٧] -

  ألا كلّ شيء ما خلا اللّه باطل


= إلى المفعول به بنفسه عديته بحرف الجر.

وقد اختار ابن هشام في كتابه مغني اللبيب القول الأول من هذين القولين، وعلل اختياره بأمرين، أولهما أنه مطرد، بخلاف القول الثاني فإنه ليس مطردا، لجواز ألا يكون في الكلام السابق فعل أصلا، نحو قولك: (هؤلاء القوم كرام عدا زيد، وخلا زيد) وثانيهما أن حرف الجر الذي يوصل معنى الفعل إلى الاسم هو الذي ينتصب بالفعل السابق عليه، أما حرف الجر الذي لا يوصل معنى الفعل السابق عن الاسم، فلا ينبغي أن يكون الجار والمجرور منصوبا بذلك الفعل.

وقد بينا لك فيما سبق ضعف هذين الوجهين من وجه الاعتراض، فلا ينبغي أن تأخذ بما يستتبعانه.

(١) أما أنهما فعلان فلتقدم ما المصدرية عليهما، وهي لا توصل إلا بالأفعال، وأما أنهما جامدان فلأنهما موضوعان في موضع الحرف الذي هو إلا، والفعل إذا وقع موقع الحرف يصير جامدا كما أن الاسم إذا وقع موقع الحرف يبنى، وأما أنهما ينصبان ما بعدهما على أنه مفعول به فذلك ظاهر بالنظر إلى عدا، لأنه متعد قبل الاستثناء، إذ تقول: (عدا فلان طوره) وأما بالنظر إلى خلا فلأنه عند الاستثناء ضمنوه معنى جاوز فصار متعديا بعد أن كان قاصرا، فاعرف ذلك.

[٢٦٧] - هذا الشاهد من كلام لبيد بن ربيعة العامري، وهذا الذي ذكره المؤلف صدر بيت من الطويل، وعجزه قوله:

وكلّ نعيم لا محالة زائل

اللغة: (ما خلا اللّه) أي ما عداه وما جاوزه سبحانه (باطل) لا أصل له ولا حقيقة (نعيم) ما يتلذذ به الإنسان ويجد فيه نعمة وراحة بال، وسمي بذلك لأن الأصل في هذه المادة النعومة، كما سموا شظف العيش وصعوبته من ضد هذه المادة فقالوا: هذا عيش خشن، وفلان يعيش عيشة خشنة، وما أشبه ذلك (زائل) أراد أنه فان لا خلود له ولا دوام.

المعنى: يقول: إنا إذا استثنينا اللّه تعالى لم نجد لشيء في هذه الحياة الدنيا حقيقة =