أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الحال

صفحة 272 - الجزء 2


= من الوافر، وقد روي على هذين الاحتمالين؛ فروى سيبويه بيتا هذا الشاهد صدره، وعجزه قوله:

يلوح كأنّه خلل

ونسبه إلى كثير عزة، وروى جماعة بيتا آخر هذا الشاهد قطعة منه، وهو بتمامه:

لميّة موحشا طلل قديم ... عفاه كلّ أسحم مستديم

واختلفوا في نسبته؛ فنسبه بعضهم لكثير عزة، ونسبه آخرون إلى ذي الرمة.

اللغة: (مية) اسم امرأة (موحشا) اسم فاعل من مصدر قولهم: أوحش المنزل، إذا خلا من أهله (الطلل) ما بقي شاخصا من آثار الديار، و (خلل) - بكسر الخاء وفتح اللام - جمع خلة - بكسر الخاء - وهي بطانة تغشى بها أجفان السيوف، و (الأسحم) السحاب الأسود، و (المستديم) الدائم.

الإعراب: (لمية) اللام حرف جر مبني على الكسر لا محل له من الإعراب، مية:

مجرور باللام وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه اسم لا ينصرف للعلمية والتأنيث، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم (موحشا) حال يقول العلماء إن صاحبه هو (طلل) الآتي، وهذا إنما يجري على مذهب سيبويه الذي يجيز مجيء الحال من المبتدأ، فأما الجمهور الذين يمنعونه - بدعوى أن من المقرر عندهم أن العامل في الحال هو العامل في صاحبها، فإذا كان صاحبها مبتدأ كان العامل فيه عندهم الابتداء، والابتداء عامل ضعيف، والعامل الضعيف لا يقوى على العمل في شيئين - فإنهم يجعلون صاحب هذا الحال هو الضمير المستكن في الجار والمجرور الواقع خبرا، وهذا الضمير عائد على الطلل، والجمهور على أن الضمير معرفة سواء أكان ضمير غيبة أم كان ضمير حضور، وسواء في ضمير الغيبة أكان مرجعه معرفة أم نكرة، فإذا جعلنا صاحب الحال هو الضمير المستكن في الخبر كان صاحب الحال معرفة عند جمهرة النحاة؛ فلم يكن البيت شاهدا لمجيء الحال من النكرة بمسوغ كما يذكره النحاة، والكوفيون يذهبون إلى أن ضمير الغيبة بحسب مرجعه، فإن كان مرجعه نكرة فهو نكرة، وإن كان مرجعه معرفة فهو معرفة، وقد بينت هذه المذاهب ههنا لما سأذكره لك في بيان الاستشهاد بالبيت (طلل) مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة (يلوح) فعل مضارع مرفوع لتجرده من الناصب والجازم وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى طلل، وجملة الفعل المضارع وفاعله في محل رفع صفة لطلل (كأنه) كأن: حرف تشبيه ونصب، وضمير الغيبة العائد إلى الطلل اسم =