أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الحال

صفحة 273 - الجزء 2

  أو يكون مخصوصا إما بوصف، كقراءة بعضهم: ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدقا⁣(⁣١)، وقول الشاعر:

  [٢٧٠] -

  نجّيت يا ربّ نوحا واستجبت له ... في فلك ماخر في اليمّ مشحونا


= كأن، مبني على الضم في محل نصب (خلل) خبر كأن مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، والجملة من كأن واسمه وخبره في محل نصب حال من الضمير المستتر في يلوح الذي هو فاعله.

الشاهد فيه: قوله: (موحشا) فإنه حال من قوله: (طلل) وهو نكرة، والذي سوغ مجيء الحال من النكرة تقدمه عليها، وأما في البيت الآخر، فالمسوغ غير قاصر على التقدم، بل الوصف بقوله: (قديم) وبالجملة التي بعده.

قال أبو رجاء عفا اللّه عنه: هكذا قالوا، وفي كلامهم قصور من وجهين:

الوجه الأول: أنه لا يتأتى الاستشهاد بهذا البيت إلا على أحد قولين؛ أولهما: قول سيبويه إن مجيء الحال من المبتدأ جائز، وثانيهما قول الكوفيين: إن الضمير الذي يعود إلى النكرة نكرة مثلها، فأما على قول جمهور البصريين إن الحال في مثل هذا البيت من الضمير المستكن في الخبر وإن هذا الضمير معرفة ولو أن مرجعه - وهو المبتدأ - نكرة؛ فإنه لا يصح الاستشهاد بهذا البيت.

الوجه الثاني: أن النكرة - وهي (طلل) - في بيت سيبويه موصوفة بجملة (يلوح - الخ) فلنا أن ندعي أن المسوغ هنا وصف النكرة، لا تقدم الحال عليها.

(١) سورة البقرة، الآية: ١٠١، والاستشهاد بالآية الكريمة مبني على تقدير الجار والمجرور متعلقا بمحذوف صفة لكتاب، فإن قدرت الجار والمجرور متعلقا بجاء كان (مصدقا) حالا من الضمير المستكن في الجار والمجرور إن كان فيه ضمير حينئذ، ويجوز أيضا على تقدير كون الجار والمجرور نعتا لكتاب أن يكون (مصدقا) حالا من الضمير المستكن في الجار والمجرور، وعلى ذلك لا يكون في الآية شاهد للمسألة، وهذه القراءة التي استشهد المؤلف بها شاذة.

[٢٧٠] - لم أقف لهذا البيت على نسبة إلى قائل معين، وقد روى شراح الشواهد بعد هذا البيت قوله:

وعاش يدعو بآيات مبيّنة ... في قومه ألف عام غير خمسينا

ومنه تتأكد أن الرواية بنصب قوله: (مشحونا) الذي هو محل الشاهد في البيت.

اللغة: (نجيت) بتضعيف الجيم - أنفذت وخلصت (نوحا) هو أبو البشر الثاني بعد =