أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الحال

صفحة 283 - الجزء 2

  والحقّ أن البيت ضرورة، وأن {كَافَّةً} حال من الكاف⁣(⁣١)، والتاء للمبالغة، لا


= الحال على صاحبه، وقد ذكر المصنف أن ذلك غير جائز إلا في ضرورة الشعر، وحكي عن الفارسي وابن جني وابن كيسان تجويز ذلك في السعة، وشاركهم في القول بجواز التقديم ابن برهان وابن ملكون وبعض الكوفيين.

وحكي عن ابن مالك أنه صحح في هذه المسألة قولهم، وذلك أنه قال في شرح التسهيل: (وجواز التقديم هو الصحيح لوروده في الفصيح كقوله تعالى: {وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} فكافة - على هذا - حال من الناس، وصاحب الحال مجرور باللام، وقد تقدم الحال على صاحبه المجرور).

ومما ورد فيه تقديم الحال على صاحبها المجرور بحرف الجر قول عبد الرحمن بن حسان - وهو من شعر الحماسة:

إذا المرء أعيته المروءة ناشئا ... فمطلبها كهلا عليه شديد

الشاهد فيه: قوله: (كهلا) فإنه حال من الهاء المجرورة محلّا بعلى في قوله:

(عليه).

وكذلك قول عروة بن حزام، وقيل كثير عزة، وقيل: قائله هو المجنون:

لئن كان برد الماء هيمان صاديا ... إليّ حبيبا إنّها لحبيب

الشاهد فيه: قوله: (هيمان صاديا) فإنهما حالان من الياء المجرورة محلّا بإلى في قوله: (إليّ).

ومنه قول الآخر (ولم أعثر على نسبته):

غافلا تعرض المنيّة للمر ... ء فيدعى ولات حين إباء

الشاهد فيه: قوله: (غافلا) فإنه حال من (المرء) المجرور باللام، وقد تقدم عليه.

ومما حملوه على هذا قوله تعالى: {وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} فقد أعربوا (على قميصه) على أنه جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من (دم) المجرور بالباء، وقد تقدم الحال كما ترى، وجعل الزمخشري (على قميصه) في محل نصب على الظرفية، وكأنه قد قيل: وجاؤوا فوق قميصه بدم كذب، وإنما ذهب إلى هذا فرارا من تقدم الحال على صاحبها المجرور، ولم يقره العلماء على ذلك؛ لأن المعنى لا يساعد عليه.

(١) هذا التخريج مما ذكره الزجاج، ولم يرتضه ابن مالك، وعلل رده بأن مجيء التاء للمبالغة سماعي في أمثلة المبالغة مثل علّامة، وإن جاءت في بعض أمثلة اسم الفاعل =