[فصل: تعدد الحال لواحد ولمتعدد]
  وليس منه نحو: {أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً}(١).
  والثاني: إن اتّحد لفظه ومعناه ثنّي أو جمع(٢)، نحو: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ}(٣)، الأصل دائبة ودائبا، ونحو: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ}(٤)، وإن اختلف فرّق بغير عطف(٥)، ك «لقيته مصعدا
= ومجرور متعلق بزرت، وجواب إذا محذوف يدل عليه سياق الكلام، وتقدير الكلام:
إذا ما زرت ليلى في اختفاء فعليّ زيارة بيت اللّه، وجملة إذا وشرطها وجوابها لا محل لها من الإعراب معترضة بين الخبر المقدم ومبتدئه المؤخر (زيارة) مبتدأ مؤخر، وهو مضاف و (بيت) مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة، وبيت مضاف والاسم الكريم مضاف إليه (رجلان) حال صاحبه ياء المتكلم في قوله عليّ، منصوب بالفتحة الظاهرة (حافيا) حال ثانية صاحبها ياء المتكلم أيضا، منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
الشاهد فيه: قوله (رجلان حافيا) حيث تعدد الحال لواحد، وهذا الواحد هو ياء المتكلم المجرورة محلّا بعليّ، والحالان أحدهما قوله رجلان وثانيهما قوله حافيا.
(١) سورة آل عمران، الآية: ٣٩، وإنما لم يكن ما في الآية الكريمة من تعدد الحال مع أن ظاهرها التعدد لأن الحالين الثاني والثالث قد عطفا بالواو على الأول ومن شرط اعتبار التعدد ألا يكون بطريق العطف.
(٢) لم يبين المؤلف بيانا صريحا هل التثنية والجمع واجبان حين يتحد لفظ الحالين ومعناهما أجمعهما أولى من تفريقهما مع جواز التفريق؟ وظاهر كلامه أن التثنية والجمع واجبان، لكن الذي نص عليه الرضي أن التثنية والجمع أولى من التفريق، قال: (وأما الحالان من الفاعل والمفعول معا؛ فإن كانا متفقين فالأولى الجمع بينهما؛ لأنه أخصر، نحو لقيت زيدا راكبا راكبا).
(٣) سورة إبراهيم، الآية: ٣٣، والأصل دائبة ودائبا، ولا يضر - عند التثنية أو الجمع - اختلاف الحالين بالتذكير والتأنيث كما هو ظاهر، فإن من سنن العربية تغليب المذكر على المؤنث واللفظ مختلف كقولهم (القمرين) في تثنية الشمس والقمر، وكقولهم (الأبوين) في تثنية الأب والأم، فهذا أولى.
(٤) سورة النحل، الآية: ١٢.
(٥) فصّل المحقق الرضي هذا الموضوع بأكثر مما ذكره المؤلف هنا، وذلك حيث يقول:
وإن كانا مختلفين فإن كان هناك قرينة يعرف بها صاحب كل منهما جاز وقوعهما كيفما =