هذا باب الحال
  أو معنى فقط نحو: {فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً}(١)، {وَلَّى مُدْبِراً}(٢).
  وإما لصاحبها(٣)، نحو: {لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً}(٤).
  وإما لمضمون(٥) جملة معقودة من اسمين معرفتين جامدتين، ك «زيد أبوك
= وقد علمت مما قدمناه من أقوال النحاة في أول هذه المسألة أن الفراء والمبرد والسهيلي ينكرون أن تجيء الحال مؤكدة لعاملها، ويزعمون أنها لا تكون إلا مؤسسة أي دالة على معنى لم يستفد من عاملها، ويؤولون كل ما ظنه الجمهور مؤكدة ويردونه إلى المؤسسة، ففي مثل هذا البيت يتأولون (أصخ) الذي هو العامل بأنه بمعنى استمع، (ومصيخا) ليس معناه مستمعا مجرد استماع، بل معناه مستمعا في انتباه ويقظة ووعي وحرص على أن تأخذ بما تستمعه، وفي الآية الكريمة - وهي قوله تعالى: {وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} يؤولون قوله سبحانه: (وأرسلناك) بأنه بمعنى أوجدناك، فقوله سبحانه: (رسولا) لم يستفد من العامل، وادعوا أنهم إنما يرتكبون هذا لأنهم يرون أنه لا بد أن تدل الحال على معنى جديد، وانظر كيف خلطوا باعثا حسنا بتقدير متكلف ليس فيما يرتكبه النحاة أشق منه.
(١) سورة النمل، الآية: ١٩.
(٢) سورة النمل، الآية: ١٠.
(٣) أغفل جميع النحويين المتقدمين التنبيه على هذا القسم، ولذلك لم يشمله إنكار الفراء والمبرد والسهيلي.
ومثل هاتين الآيتين الكريمتين قوله تعالى: {وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} وقوله جلت كلمته: (وأزلفنا الجنة للمتقين غير بعيد) وذلك لأن الإزلاف هو التقريب.
(٤) سورة يونس، الآية: ٩٩.
(٥) فسر العلامة الصبان مضمون الجملة في هذا الموضع بأنه (مصدر الخبر مضافا إلى المبتدأ إذا كان الخبر مشتقا، والكون العام مضافا إلى المبتدأ ومخبرا عنه بالخبر إذا كان الخبر في الجملة جامدا) ثم قال: «وهذا (يريد النوع الثاني الذي هو الكون العام مضافا إلى المبتدأ ومخبرا عنه بالخبر) هو الممكن هنا، لما سيذكر من اشتراط جمود جزأي الجملة» فإذا قلت: (زيد أخوك عطوفا) كان مضمون الجملة (كون زيد أخاك) ثم اعترض على ذلك بأن التأكيد المقصود ليس لقولنا: (كون زيد أخاك) وإنما هو تأكيد للازم ذلك، قال: (والتأكيد في الحقيقة للازم الكون أخا، وهو العطف والحنو) والذي دعا إلى كون التأكيد لذلك هو ضرورة موافقة التأكيد للمؤكد في المعنى، والذي دعا =