أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الحال

صفحة 302 - الجزء 2

  عطوفا» وهذه الحال واجبة التأخير عن الجملة المذكورة، وهي معمولة لمحذوف وجوبا تقديره أحقّه⁣(⁣١) ونحوه.


= العلامة الصبان إلى تفسير مضمون الجملة بهذا التفسير ثم اعتراضه بما ذكر، هو أن هذا هو المعنى المشهور عند النحاة لمضمون الجملة.

وقد سبقه إلى هذا التفسير جار اللّه في المفصل حيث يقول: (والحال المؤكدة هي التي تجيء على أثر جملة عقدها من اسمين لا عمل لهما «يريد أنهما جامدان» لتوكيد خبرها وتقرير مؤداه ونفي الشك عنه، وذلك قولك: زيد أبوك عطوفا، وهو زيد معروفا، وهو الحق بينا، ألا ترى كيف حققت بالعطوف الأبوة وبالمعروف والبين أن الرجل زيد، وأن الأمر حق، وفي التنزيل: {هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ} وكذلك: أبا عبد اللّه آكلا كما يأكل العبيد، وفيه تقرير للعبودية وتحقيق لها، وتقول: أنا فلان بطلا شجاعا وكريما جوادا، فتحقق ما أنت متسم به وما هو ثابت لك في نفسك) اه.

وذكر المحقق الرضي أن مضمون الجملة المؤكدة بهذه الحال هو مقصود المتكلم وغرضه الباعث له على ذكر هذه الجملة الخبرية: قال: «وتجيء (يريد الحال المؤكدة) إما لتقرير مضمون الخبر وتأكيده، وإما للاستدلال على مضمونه، ومضمون الخبر: إما فخر كقوله: * أنا ابن دارة معروفا بها نسبي * وكقوله: أنا حاتم جوادا، وأنا عمرو شجاعا، إذ لا يقول مثله إلا من اشتهر بالخصلة التي دلت عليها الحال كاشتهار حاتم بالجود وعمرو بالشجاعة، فصار الخبر متضمنا لتلك الخصلة، وإما تعظيم غيرك، نحو أنت الرجل كاملا، أو تصاغر لنفسك، نحو أنا عبد اللّه آكلا كما يأكل العبيد، أو تصغير للغير، نحو هو المسكين مرحوما، أو تهديد نحو أنا الحجاج سفاكا للدماء، أو غير ذلك، نحو زيد أبوك عطوفا، و {هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً} وهو الحق بينا، فقولك آكلا ومرحوما ومصدقا للاستدلال على مضمون الخبر، وقوله: (مشهورا بها نسبي) وقولك: كاملا وسفاكا للدماء وآية ومعروفا وبينا لتقرير مضمون الجملة وتأكيده، وقولك عطوفا لكليهما، وإنما سمي الكل حالا مؤكدة وإن لم يكن القسم الأول (أي الذي للاستدلال على مضمون الخبر) مؤكدا؛ إذ ليس في كونه حقا معنى التصديق حتى يؤكد بمصدقا، لأن مضمون الحال لازم في الأغلب لمضمون الجملة، لأن التصديق لازم حقيقة القرآن، فصار كأنه هو» اه.

(١) من شواهد هذا النوع من الحال المؤكدة قول سالم بن دارة: =