أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[الباب الثالث: باب جمع المذكر السالم]

صفحة 65 - الجزء 1


= كان المدعى ممكنا وصح وقوعه عادة سميت تبليغا، وإن كان المدعى ممكنا عقلا ولم يصح وقوعه عادة سميت إغراقا، فأما الغلو فنحو قول المهلهل:

فلولا الرّيح أسمع من بحجر ... صليل البيض يقرع بالذّكور

وقد قيل في بيت المهلهل هذا: إنه أكذب بيت قالته العرب، ويقال: إن بين حجر وموضع الوقعة مسيرة عشرة أيام، وأما التبليغ فنحو قول امرئ القيس:

عدا بي عداء بين ثور ونعجة ... دراكا، ولم ينضح بماء فيغسل

لأن من الممكن في حق الفرس أن يدرك الثور والنعجة ولم يعرق فيحتاج إلى أن يغسل. فأما قوله: «تنورتها - الخ» فغير ممكن عادة، وكيف يمكن أن يكون إنسان بأذرعات ويشاهد نار يثرب؟ ولكنه يزول العجب إذا علم أن امرأ القيس ابن أخت المهلهل صاحب أكذب بيت قالته العرب! وقد قال ابن قتيبة: إنه لم يرد رؤية العين، وإنما أراد رؤية القلب، والبيت تحزن منه وتمن، ولم يرد أنه رأى بعينه شيئا.

الإعراب: «تنورتها» فعل وفاعل ومفعول به «من أذرعات» جار ومجرور متعلق بتنور «وأهلها» الواو واو الحال، أهل: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، وأهل مضاف وضمير الغائبة مضاف إليه «بيثرب» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ وخبره في محل نصب حال «أدنى» مبتدأ، وأدنى مضاف ودار من «دارها» مضاف إليه، ودار مضاف وضمير المؤنثة الغائبة مضاف إليه «نظر» خبر المبتدأ، وهو على تقدير مضاف: أي ذو نظر «عال» صفة لنظر، مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين منع من ظهورها الثقل.

الشاهد فيه: قوله: «من أذرعات» فإن هذه الكلمة في هذا البيت تروى على ثلاثة أوجه:

الأول: بكسر التاء المنونة، وعلى هذا الوجه رواية أكثر النحاة، والسر فيها ملاحظة حال «أذرعات» قبل التسمية به، وأنه جمع مؤنث سالم، وجمع المؤنث السالم يجر بالكسرة الظاهرة وينون تنوين المقابلة لا تنوين التنكير.

والوجه الثاني: بكسر التاء غير منونة، وهو وجه جوزه جماعة من النحاة منهم المبرد والزجاج، والسر فيه ملاحظة كونه جمعا بحسب أصله وكونه علما لمؤنث بحسب حاله الآن، وقد أعطوه من كل واحد من الأمرين حكما من أحكامه؛ فجروه بالكسرة كما يجر جمع المؤنث السالم، ومنعوا تنوينه كما يمنع تنوين العلم المؤنث.

والوجه الثالث: بفتح التاء غير منونة، وهو وجه جوزه جماعة من النحاة منهم سيبويه وابن جني، والسر فيه ملاحظة حاله الطارئة، وأنه علم على مؤنث، والعلم المؤنث =