[خامسها: الاسم الذي لا ينصرف]
[خامسها: الاسم الذي لا ينصرف]
  الباب الخامس: ما لا ينصرف، وهو ما فيه علّتان(١) من تسع كأحسن، أو
= يمتنع تنوينه ويجر بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف.
ومثل هذا البيت في كل ما ذكرناه قول الأعشى ميمون:
تخيّرها أخو عانات شهرا ... ورجّى خيرها عاما فعاما
(١) اعلم أولا أن تسمية النحاة كل واحد من العلمية والتأنيث مثلا «علة» واشتراطهم وجود علتين - مبني على نوع من التساهل والمجاز، لأن كل واحد من الاثنين اللذين يجتمعان في الاسم فيقتضيان منعه من الصرف جزء علة، وليس علة كاملة، فأنت تعلم أن باجتماع الاثنين يحصل الحكم، والدليل على ذلك أن العلمية وحدها لا تقتضي منع الصرف فمحمد مصروف وعلي مصروف مع أنهما علمان، وزيادة الألف والنون وحدها لا تمنع فصنوان وقنوان وسلطان ورمان مصروفة مع زيادة الألف والنون، وبذلك يتقرر أن العلة التامة هي وجود علتين أو وجود واحدة تقوم مقام اثنتين مع ملاحظة شروط كل واحدة منهما.
ثم اعلم ثانيا أن الفعل فيه علتان كل واحدة منهما تدل على أنه فرع عن الاسم، وأن إحدى هاتين العلتين ترجع إلى لفظ الفعل، والثانية ترجع إلى معناه، فأما العلة التي ترجع إلى لفظه فهي عند البصريين كونه مشتقا ومأخوذا من لفظ المصدر الذي هو اسم، والمأخوذ فرع عن المأخوذ منه، وإنما قلنا «عند البصريين» لأنهم هم الذين ذهبوا إلى أن المصدر هو أصل المشتقات جميعا ومنها الفعل بأنواعه الثلاثة، والعلة التي ترجع إلى اللفظ عند الكوفيين هي أنه يدل بمادته أي الحروف التي يتألف منها على الحدث ويدل بهيئته أي صورته التي هو عليها على الزمان، فهو مركب لدلالته على شيئين، والمركب فرع عما لا تركب فيه، والاسم لا تركب فيه لدلالته على شيء واحد، وأما العلة التي ترجع إلى معنى الفعل وتدل على أنه فرع ومحتاج فهي أنه لما دل على الحدث احتاج وافتقر إلى محدث هذا الحدث وهو الفاعل ومن المعلوم أن الفاعل لا يكون إلّا اسما صريحا أو مؤولا.
إذا علمت هذا سهل عليك أن تدرك أن في طبيعة الفعل دلالة على أنه فرع من جهة لفظه ومن جهة معناه، وأنت تعلم أن الفعل لا يدخله الجر، فإذا وجد في اسم ما علتان فرعيتان ترجع إحداهما إلى اللفظ وترجع الأخرى إلى المعنى فقد أشبه الفعل من هذه الناحية، وحينئذ ينبغي أن يأخذ الحكم الذي استقر للفعل، وهو ألا يدخله التنوين ولا الجر، وهذا هو الذي يسمى الاسم الذي لا ينصرف. وبحسبك هذا الإيضاح فقد أطلت عليك لتدرك سر هذه اللغة.