هذا باب التمييز
  فإنهما وإن كانا على معنى «من» لكنها ليست للبيان، بل هي في الأول للاستغراق، وفي الثاني للابتداء.
= اللغة: (أستغفر) أطلب المغفرة، فالسين والتاء في هذه الكلمة للطلب (ذنبا) الذنب:
الجريمة والإثم، تقول: أذنب فلان، إذا صار ذا ذنب، قال الأعلم: (الذنب: هنا اسم جنس بمعنى الجمع؛ فلذلك قال: لست محصيه) اه، والإحصاء: منتهى العدد، واشتقاقه من الحصى، وأصله أنهم كانوا يضعون المعدود على الحصى، فإذا نفذ المعدود قالوا: أحصينا، يريدون: بلغنا الحصى، وتقول: أحصيت الشيء أحصيه، إذا كنت قد ضبطت عدده (الوجه) القصد والتوجه، (إليه القصد والقبل).
الإعراب (أستغفر) فعل مضارع مرفوع لتجرده من الناصب والجازم وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا (اللّه) منصوب على التعظيم (ذنبا) مفعول ثان لأستغفر، منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة وستعرف ما فيه (لست) ليس: فعل ماض ناقص، مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، وتاء المتكلم اسمه مبني على الضم في محل رفع (محصيه) محصي: خبر ليس منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، ومحصي مضاف وضمير الغائب العائد إلى الذنب مضاف إليه مبني على الضم في محل جر (رب) بدل من لفظ الجلالة، وهو مضاف و (العباد) مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة (إليه) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم (الوجه) مبتدأ مؤخر، مرفوع بالضمة الظاهرة (والعمل) الواو حرف عطف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، والعمل: معطوف على الوجه، والمعطوف على المرفوع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
الشاهد فيه: قوله: (أستغفر اللّه ذنبا) فإن المؤلف وجماعة من النحاة ذكروا أن قوله:
(ذنبا) منصوب على نزع الخافض الذي هو (من) ومع أن انتصابه على معنى (من) فإنه ليس تمييزا؛ لكونه غير مبين لإبهام اسم مجمل الحقيقة قد ذكر قبله، ولا هو مبين لنسبة في جملة مذكورة من قبله؛ فخرج بذلك على أن يكون تمييزا.
ولا شك أن ادعاء قوله: (ذنبا) منصوب على نزع الخافض إنما هو على تضمين قوله:
(أستغفر) معنى أستتيب؛ فهو حينئذ شبيه بقولك: (اخترت الرجال محمدا) أي:
اخترت من الرجال هذا الرجل، ومثله قوله تعالى: {وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا}.
لكن الذي رجحه كثير من العلماء أن (أستغفر) يتعدى بنفسه إلى مفعولين؛ فيكون =