أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب حروف الجر

صفحة 23 - الجزء 3

  والرابع: التنصيص على العموم، أو تأكيد التنصيص عليه⁣(⁣١)، وهي الزائدة،


= مبني على فتح مقدر على آخره لا محل له من الإعراب، ونون النسوة العائد إلى السيوف نائب فاعل: مبني على الفتح في محل رفع (كل) مفعول مطلق عامله جرب، منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، وكل مضاف و (التجارب) مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.

الشاهد فيه: قوله: (من أزمان) فإن ظاهره أن (من) فيه للدلالة على ابتداء الغاية في زمان، وقد ذهب إلى ذلك الكوفيون، ورده البصريون بأن الكلام على تقدير مضاف، أي: من استمرار يوم حليمة، وقد بينا ذلك فيما مضى قريبا.

(١) اعلم أولا أن (من) التي تدل على التنصيص على العموم هي التي يكون مدخولها لفظا غير الألفاظ الدالة على العموم بنفسها، نحو (ما جاءني من رجل) فإنه لولا وجود (من) لجاز لك أن تعتبر المنفي مجيئه هو الرجل الواحد أو جنس الرجال، ولولا وجود (من) أيضا لجاز لك أن تقول: (ما جاءني رجل بل رجلان) فلما وجدت (من) امتنع عليك أن تفهم أن المنفي مجيئه واحد، وامتنع عليك أن تقول: (بل رجلان) وأما التي تدل على تأكيد التنصيص على العموم فهي التي يكون مدخولها لفظا من الألفاظ الدالة على العموم بنفسها - وذلك مثل أحد، وديار، وغريب - نحو (ما جاءني من أحد) ونحو (ما لقيت من ديار)، ونحو (ما في هذه الدار من غريب).

ثم اعلم ثانيا أن الموضع التي تزاد فيها (من) على وجه التفصيل تسعة مواضع:

الموضع الأول: تزاد قبل الفاعل، نحو قولك (ما جاء من أحد) وقال اللّه تعالى: {ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} فذكر: فاعل يأتي، وقد زيدت قبله من، وقبلها ما النافية.

الموضع الثاني: تزاد قبل النائب عن الفاعل، نحو قولك (ما اتهم من أحد بهذه التهمة) فأحد: نائب فاعل اتهم المبني للمجهول، وقد زيدت قبله من وقبلها ما النافية.

الموضع الثالث: تزاد قبل المبتدأ، نحو قولك: (ما من أحد يذهب إلى مثل ما ذهبت إليه) وقال اللّه تعالى: {هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ} فخالق: مبتدأ، وقد زيدت قبله من، وقبلها هل الاستفهامية.

الموضع الرابع: تزاد قبل اسم كان، نحو قولك: (لم يكن لك من عذر) وقال اللّه تعالى: {ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ} فحرج: اسم كان، وقد زيدت قبله من وقبلها ما النافية. =