أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب حروف الجر

صفحة 34 - الجزء 3

  والرابع: الإلصاق، نحو: (أمسكت بزيد)⁣(⁣١).

  والخامس: التبعيض⁣(⁣٢)، نحو: {عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ}⁣(⁣٣)، أي: منها.

  والسادس: المصاحبة، نحو: {وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ}⁣(⁣٤)، أي: معه.

  والسابع: المجاوزة نحو: {فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً}⁣(⁣٥) أي: عنه.

  والثامن: الظّرفية، نحو: {وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ}⁣(⁣٦) أي: فيه، ونحو:


(١) اعلم أولا أن الإلصاق أصل معاني الباء، وباقي ما يذكر من معاني الباء فروع عن الإلصاق، ويؤيد ذلك قول سيبويه: (وإنما هي للإلصاق والاختلاط.. وما اتسع من هذا في الكلام فهذا أصله) اه. ثم اعلم أن الإلصاق إما حقيقي، وإما مجازي، وأن الإلصاق الحقيقي على ضربين، الأول ما لا يصل الفعل إلى المفعول إلا بالحرف الدال عليه - وهو الباء - نحو قولك (سطوت بزيد) فإن (سطا) لا يصل إلى المفعول إلا بواسطة الحرف، فإذا أردت معه معنى الإلصاق جئت بالباء، والثاني ما أصل الفعل أن يتعدى بنفسه، ثم أردت أن تدل على معنى زائد على مجرد وقوعه على المفعول فجئت بالباء، نحو قولك (أمسكت بزيد) فإن هذا الفعل الذي هو أمسك يتعدى إلى المفعول به بنفسه فتقول (أمسكت زيدا) فأردت بالإتيان بالباء معه أن تدل على معنى زائد على مجرد وقوعه عليه، وبيان ذلك أن قولك (أمسكت بزيد) يدل على أنك قبضت على شيء من جسمه أو ما يحبسه من ثوب أو نحوه، وأما قولك (أمسكت زيدا) فإنه يحتمل هذا المعنى ويحتمل أن يكون المعنى أنك منعته من التصرف، فالباء جعلت الكلام نصا في المعنى الأول، وأما الإلصاق المجازي فنحو (مررت بزيد) أي جعلت مروري بمكان يقرب من مكان زيد.

(٢) أثبت مجيء الباء للتبعيض الأصمعي والفارسي والقتبي وابن مالك، واستدلوا بالآية الكريمة التي تلاها المؤلف، وبقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ} وعلى هذا بنى الشافعي مذهبه في أن الواجب في الوضوء مسح بعض الرأس.

(٣) سورة الإنسان، الآية: ٦.

(٤) سورة المائدة، الآية: ٦١.

(٥) سورة الفرقان، الآية: ٥٩.

(٦) سورة القصص، الآية: ٤٤.