أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[الباب الثالث: باب جمع المذكر السالم]

صفحة 72 - الجزء 1


= الذي رواها المؤلف عليه، وتروى على وجه ثان، وهو:

ألم يأتك والأنباء تنمي

من غير ياء، وهذه رواية رواها ابن جني. وتروى على وجه ثالث. وهو:

وهل أتاك والأنباء تنمي

وهي رواية الأصمعي.

فإذا علمت هذا كله فاعلم أولا أنه لا شاهد في البيت على رواية ابن جني، ولا على رواية الأصمعي؛ لأن العبارة جارية على ما هو الفصيح المستعمل باطراد في كلام العرب، وهو ما قررناه في التمهيد لذلك الكلام، فأما على رواية أكثر النحاة - وهي الرواية التي ذكرها المؤلف، ومن أجلها أتى بالبيت هنا - فاعلم أن العلماء مختلفون في تخريج هذه الرواية.

فذهب الكثير منهم إلى أن هذه الياء هي لام الكلمة، وأنها ثبتت مع الجازم بتقدير أن هذا الفعل كان مرفوعا بحركة ظاهرة فلما دخل الجازم حذف هذه الحركة كما هو شأن الفعل المضارع الصحيح الآخر، ويكون «يأتي» مجزوما وعلامة جزمه السكون معاملة للمعتل معاملة الصحيح. وهؤلاء قالوا: إن الحرف المعتل قد عهد ظهور حركة الإعراب عليه ضرورة في نحو قول أعرابي ضافه رجل فذبح له عنزا فأعطاه الرجل مالا كثيرا:

فقمت إلى عنز بقيّة أعنز ... فأذبحها فعل امرئ غير نادم

فعوّضني منها غناي ولم تكن ... تساوي عندي غير خمس دراهم

الشاهد فيه: قوله: «تساوي» فقد جاء به مرفوعا بالضمة الظاهرة حين اضطر، ومثله قول الآخر:

إذا قلت علّ القلب يسلو قيّضت ... هواجس لا تنفكّ تغريه بالوجد

وليس هذا خاصا بالفعل، بل يجري في الاسم أيضا، ومن ذلك قول أعرابي من بني كلب، وقد أنشده سيبويه:

فيوما يجارين الهوى غير ماضي ... ويوما ترى منهنّ غولا تغوّل

فقوله: «ماضي» مجرور بالكسرة الظاهرة على حرف العلة، لأنه لما اضطر عامل المعتل معاملة الصحيح، وإذا كانت الحركة تظهر على حرف العلة للضرورة فعند الجزم يسوغ للشاعر إذا اضطر أن يقدر أن الفعل كان مرفوعا بالضمة الظاهرة فيجزمه بالسكون، وقد اختار هذا التوجيه أبو السعادات هبة اللّه بن الشجري في أماليه.

ومن ظهور الحركة على آخر الاسم المعتل بالياء قول أبي خراش الهذلي يصف تيسا: =