أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[خمسة أحرف تأتي أسماء، وهي الكاف، وعن، وعلى، ومذ، ومنذ]

صفحة 54 - الجزء 3

[والرابع والخامس: مذ ومنذ]

  والرابع والخامس: مذ ومنذ، وذلك في موضعين:

  أحدهما: أن يدخلا على اسم مرفوع، نحو: (ما رأيته مذ يومان)، أو (منذ يوم الجمعة) وهما حينئذ مبتدآن، وما بعدهما خبر، وقيل بالعكس، وقيل: ظرفان، وما بعدهما فاعل بكان تامة محذوفة⁣(⁣١).


= (بزيزاء) الباء حرف جر مبني على الكسر لا محل له من الإعراب، وزيزاء: مجرور بالباء وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه لا ينصرف لاختتامه بألف التأنيث الممدودة، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لقيض (مجهل) صفة لزيزاء مجرورة بالكسرة الظاهرة.

الشاهد فيه: قوله (من عليه) فإن (على) فيه اسم؛ بدليل دخول حرف الجر عليه، ثم قيل: إن معنى على هنا فوق، وهو قول الأصمعي، وقيل: معناه عند، وهو قول جماعة منهم أبو عبيدة.

(١) في إعراب (مذ يومان) من قولك (ما رأيته مذ يومان) أربعة مذاهب ذكر المؤلف ثلاثة منها غير منسوبة إلى قائليها، ونحن نذكرها لك تفصيلا، ونذكر لك الذين ينسب إليهم كل قول منها:

القول الأول - وهو مذهب أبي العباس المبرد وأبي علي الفارسي وابن السراج وقوم من الكوفيين، واختاره ابن الحاجب - وحاصله أن معنى مذ ومنذ الأمد إذا كان الزمان حاضرا أو معدودا، فإن كان الزمان ماضيا فمعناهما أول المدة، وهما على كل حال مبتدآن، وما بعدهما خبر عنهما واجب التأخير، فإذا قلت (ما رأيته منذ يومان) فكأنك قد قلت: أمد انقطاع رؤيتي إياه يومان، وإذا قلت: (ما رأيته مذ يوم الجمعة) فكأنك قد قلت: مبدأ انقطاع رؤيتي إياه يوم الجمعة.

القول الثاني - وهو مذهب الأخفش وأبي إسحاق الزجاج وأبي القاسم الزجاجي - وحاصله أنهما ظرفان يتعلقان بمحذوف خبر مقدم، وما بعدهما مبتدأ مؤخر، ومعناهما بين وبين مضافين، فإذا قلت (ما رأيته مذ يومان) فكأنك قد قلت: بيني وبين لقائه يومان، وقد قرر المتأخرون أن هذا المذهب فيه من التعسف ما يحمل على عدم الأخذ به، وأقل ما فيه من التعسف أن فيه تقدير محذوفات كثيرة، وأن العرب لم يصرحوا بشيء من هذه المقدرات في موضع أي موضع من كلامهم.

القول الثالث - وهو مذهب جمهور الكوفيين، واختاره ابن مالك وابن مضاء =