أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[خمسة أحرف تأتي أسماء، وهي الكاف، وعن، وعلى، ومذ، ومنذ]

صفحة 55 - الجزء 3

  والثاني: أن يدخلا على الجملة، فعلية كانت، وهو الغالب، كقوله:

  [٣٠٦] -

  ما زال مذ عقدت يداه إزاره


= والسهيلي - وحاصله أن مذ ومنذ ظرفان، والاسم المرفوع بعد كل منهما فاعل لكان تامة محذوف، فإذا قلت (ما رأيته مذ يومان) فكأنك قد قلت: ما رأيته منذ كان يومان، وإذا قلت: (ما رأيته منذ يوم الجمعة) فكأنك قلت: ما رأيته منذ كان يوم الجمعة.

القول الرابع - وهو مذهب لبعض الكوفيين - وحاصله أن مذ ومنذ ظرفان، وأصل كل واحد منهما مركب من (من) التي هي حرف جر، ومن (ذو) الموصولة التي بمعنى الذي في لغة طيئ، والاسم المرفوع بعد كل منهما خبر مبتدأ محذوف، وجملة المبتدأ والخبر لا محل لها من الإعراب صلة الموصول، فإذا قلت: (ما رأيته مذ يومان) فكأنك قد قلت: ما رأيته من ابتداء الوقت الذي هو يومان، وإذا قلت: (ما رأيته منذ يوم الجمعة) فكأنك قد قلت: ما رأيته من ابتداء الوقت الذي هو يوم الجمعة.

والخلاصة أن في نحو قولك: (ما رأيته منذ يومان) أربعة مذاهب اثنان منهما للبصريين، وهما أن منذ مبتدأ والمرفوع بعده خبر، وأن منذ خبر مقدم والمرفوع بعده مبتدأ مؤخر، واثنان للكوفيين، وهما أن منذ ظرف والاسم المرفوع بعده فاعل بكان المحذوفة، وأن منذ ظرف والمرفوع بعده خبر مبتدأ محذوف، وقد عرفت نسبة كل رأي من هذه الآراء الأربعة إلى الذي ذهب إليه، وننبهك الآن إلى أن ما عدا الرأي الأول من هذه الآراء يتضمن كل رأي منها من التكلف والتعسف في التقدير ما يبعدك عن أن تأخذ به، فليكن الرأي الأول هو الرأي الذي نقره ونرى لك أن تأخذ به.

[٣٠٦] - هذا الشاهد من كلام للفرزدق، يرثي فيه يزيد بن المهلب، وما ذكره المؤلف صدر بيت من الكامل، وعجزه قوله:

فسما فأدرك خمسة الأشبار

اللغة: (ما زال مذ عقدت يداه إزاره) يروى في مكان هذه العبارة (ما زال مذ شد الإزار بكفه) ويكنى بهذه العبارة عن مجاوزته حد الطفولة التي لم يكن يستطيع فيها أن يقضي حوائجه بنفسه، والمراد ما زال منذ بدأ يستغني عن الحواضن، ويستطيع أن يلبس الإزار ويشده على وسطه بنفسه، والإزار هو ما يلبسه الإنسان في نصفه الأسفل، أو هو كل ما سترك (سما شبّ وارتفع (فأدرك) أي بلغ ووصل (خمسة الأشبار) للعلماء في هذه الكلمة كلام طويل وتفسيرات كثيرة، وقد ألممنا بجملتها في شرحنا على الأشموني (١/ ٢٣٢) وقد رجحنا هناك أن المراد ما ذكره ابن دريد بقوله: (ويقال: =