أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الإضافة

صفحة 96 - الجزء 3

  ويحتمله {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}⁣(⁣١)، ولا يجوز (قامت غلام هند)، ولا (قام امرأة زيد) لعدم صلاحية المضاف فيهما للاستغناء عنه بالمضاف إليه.


= مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى عقل عاصي الهوى، والجملة من يزداد مع فاعله المستتر فيه في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو عقل عاصي (تنويرا) مفعول به ليزداد.

الشاهد فيه: قوله: (إنارة العقل مكسوف) حيث أعاد الضمير مذكرا من قوله (مكسوف) على (إنارة) وهو مؤنث؛ والذي سوغ هذا - مع وجوب مطابقة الضمير لمرجعه - كون المرجع مضافا إلى مذكر، وهو قوله: (العقل) فاكتسب التذكير منه:

ومثل هذا البيت في ذلك قول الآخر:

رؤية الفكر ما يؤول له الأم ... ر معين على اجتناب التّواني

فقد أخبر بقوله: (معين) عن قوله: (رؤية) الواقع مبتدأ، وهذا المبتدأ مؤنث، لكنه لما أضيف إلى المذكر وهو قوله: (الفكر) اكتسب التذكير منه.

(١) سورة الأعراف، الآية: ٥٦.

اعلم أن للعلماء في تخريج هذه الآية الكريمة أقوالا كثيرة أوصلها المؤلف إلى ستة عشر قولا في رسالة صنفها في هذه الآية خاصة، وقد نقلها السيوطي في كتاب الأشباه والنظائر النحوية، ونحن نذكر لك أربعة تخريجات، وننسب كل تخريج إلى قائله، ونبين ما يسلم منها لقائله وما لا يسلم لقائله:

الأول: أن تذكير قريب حاصل بسبب أن الرحمة مؤنث مجازي، وهذا تخريج الجوهري، وهو فاسد، لأن التأنيث المجازي يبيح تذكير الفعل المسند إلى المؤنث المجازي، فأما الذي يسند إلى ضميره فلا يجوز إلا تأنيثه، والوصف هنا مسند إلى ضمير الرحمة.

التخريج الثاني: أن تذكير قريب بسبب المعنى، وذلك أن المقصود من رحمة اللّه غفرانه، وهو مذكر، وهذا تخريج الزجاج والأخفش.

والتخريج الثالث: أن لفظ قريب مما يستوي فيه المذكر والمؤنث، وهذا تخريج ذكره الفراء.

التخريج الرابع: ما ذكره المؤلف هنا من أن المضاف وهو الرحمة اكتسب من المضاف إليه وهو لفظ اللّه التذكير، لأن الاستعمال العربي قد جرى على استعمال لفظ الجلالة كما يستعمل المذكر وإن كان مدلوله لا يجوز أن يوصف بشيء من التذكير أو التأنيث.