أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الإضافة

صفحة 152 - الجزء 3

  أي: وكلّ نار، لئلّا يلزم العطف على معمولي عاملين⁣(⁣١).

  ومن غير الغالب قراءة ابن جماز {وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}⁣(⁣٢)، أي: عمل الآخرة، فإن المضاف ليس معطوفا، بل المعطوف جملة فيها المضاف.

  وإن كان المحذوف المضاف إليه، فهو على ثلاثة أقسام؛ لأنه تارة يزول من المضاف ما يستحقّه من إعراب وتنوين ويبنى على الضمّ، نحو: (ليس غير)، ونحو:

  {مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ}⁣(⁣٣)، كما مر، وتارة يبقى إعرابه، ويردّ إليه تنوينه، وهو الغالب، نحو: {وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ}⁣(⁣٤) {أَيًّا ما تَدْعُوا}⁣(⁣٥)، وتارة يبقى إعرابه، ويترك تنوينه، كما كان في الإضافة، وشرط ذلك في الغالب أن يعطف عليه اسم عامل في مثل المحذوف، وهذا العامل إما مضاف، كقولهم: (خذ ربع ونصف ما حصل)⁣(⁣٦)،


= قد قام الدليل من الكلام عليه، وكذلك هذا المضاف المحذوف ولو لم نقدر المضاف للزم أن يكون قوله (نار) المجرور عطفا على (امرئ) المجرور، ويكون قوله (نارا) المنصوب عطفا على (امرأ) المنصوب؛ فيلزم على هذا التقدير العطف على معمولين لعاملين مختلفين، فإن قوله (امرئ) معمول لقوله (كل) وقوله (امرأ) معمول لقوله (تحسبين) والعطف بهذه المثابة ممتنع على الراجح، والذي ذهبنا إليه قد أجازه العلماء كافة، والتخريج على المتفق عليه أولى بالرعاية، فتدبر ذلك فإنه مفيد، وانظر ما قررناه لك في (ص ١٤٧، ١٤٨) السابقة.

(١) اختلف النحاة في جواز العطف على معمولين لعاملين مختلفين، فذهب سيبويه والمبرد وابن السراج وهشام أنه لا يجوز، ووجه ما ذهب إليه هؤلاء أن حرف العطف نائب عن العامل، فإذا كان المعطوف عليه معمولين لعاملين مختلفين كان حرف العطف نائبا عنهما، وقد علمنا أن حرف العطف ضعيف لا يقوى على أن ينوب مناب عاملين مختلفين، فلو ناب عن عامل واحد يعمل عملين صح، وذهب الأخفش والكسائي والفراء والزجاج إلى أن ذلك جائز، ويمكن أن يحتج لهم بأنهم قد اغتفروا في الثواني ما لم يغتفروا في الأوائل.

(٢) سورة الأنفال، الآية: ٦٧.

(٣) سورة الروم، الآية: ٤.

(٤) سورة الفرقان، الآية: ٣٩.

(٥) سورة الإسراء، الآية: ١١٠.

(٦) اختلف النحاة في تخريج هذا المثال ونحوه، ولهم في ذلك مذهبان.