أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[يجوز في تابع المجرور بإضافة المصدر مراعاة لفظه ومراعاة محله]

صفحة 192 - الجزء 3

  وقيل: يختصّ بالشعر، وردّ بالحديث «وحجّ البيت من استطاع إليه سبيلا»، أي: وأن يحجّ البيت المستطيع، وأما إضافته إلى الفاعل ثمّ لا يذكر المفعول وبالعكس فكثير، نحو: {رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ}⁣(⁣١) ونحو: {لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ}⁣(⁣٢) ولو ذكر لقيل: دعائي إيّاك، ومن دعائه الخير⁣(⁣٣).

[يجوز في تابع المجرور بإضافة المصدر مراعاة لفظه ومراعاة محله]

  وتابع المجرور يجرّ على اللّفظ، أو يحمل على المحل⁣(⁣٤)؛ فيرفع كقوله:

  [٣٦٩] -

  طلب المعقّب حقّه المظلوم


= فإن (تصريف): مصدر صرف بالتضعيف، وقد أضافه لمفعوله وهو القناة، ثم أتى بالفاعل وهو بناني.

(١) سورة إبراهيم، الآية: ٤٠.

(٢) سورة فصلت، الآية: ٤٩.

(٣) ومن إضافة المصدر لمفعوله ولم يذكر الفاعل قول سراقة الباهلي:

كفرت بدينكم وجعلت نذرا ... عليّ قتالكم حتى الممات

ولو صرح بالفاعل لقال: قتالي إياكم، ومثله قول أخي شرحبيل بن الحارث يرثيه:

أحسنت وائل - ومن عادتها الإحسان ... بالحنو يوم ضرب الرقاب

ولو صرح بالفاعل لقال: يوم ضربهم الرقاب، أو قال: يوم ضرب الفوارس الرقاب.

(٤) هذا الذي ذهب إليه المؤلف تبعا لابن مالك - من جواز الاتباع على المحل - هو ما ذهب إليه الكوفيون وبعض البصريين، وذهب سيبويه وجمهور البصريين إلى أنه لا يجوز الاتباع على المحل، وزعم هؤلاء أن ما ورد مما ظاهره الاتباع على المحل كالبيت رقم ٣٦٩ والبيت رقم ٣٧٠ فهو مؤول بتقدير رافع للمرفوع وناصب للمنصوب، وكثرة الشواهد الواردة مما يدل على صحة الاتباع على المحل تمنع من الأخذ بهذا الرأي، لأن التأويل خلاف الظاهر.

[٣٦٩] - هذا الشاهد من كلام لبيد بن ربيعة العامري، يصف حمارا وحشيا وأتنه، وما ذكره المؤلف ههنا عجز بيت من الكامل، وصدره قوله:

حتّى تهجّر في الرّواح وهاجها

اللغة: (تهجر) سار في الهاجرة، وهي نصف النهار عند اشتداد الحر (الرواح) الوقت من زوال الشمس إلى الليل (وهاجها) أزعجها، و (طلب المعقب) مصدر تشبيهي منصوب على أنه مفعول مطلق، وأصل الكلام: وهاجها طالبا إياها طلبا مثل طلب المعقب - الخ، والمعقب: الذي يطلب حقه المرة بعد المرة. =