أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[تعريف اسم الفاعل]

صفحة 195 - الجزء 3

  أحدهما: كونه للحال أو الاستقبال⁣(⁣١)، لا الماضي، خلافا للكسائي، ولا حجّة له في: {باسِطٌ ذِراعَيْهِ}⁣(⁣٢)، لأنّه على حكاية الحال، والمعنى: يبسط ذراعيه، بدليل: {وَنُقَلِّبُهُمْ}، ولم يقل وقلّبناهم.

  والثاني: اعتماده على استفهام أو نفي أو مخبر عنه أو موصوف، نحو:

  (أضارب زيد عمرا)، و (ما ضارب زيد عمرا)، و (زيد ضارب أبوه عمرا)، و (مررت برجل ضارب أبوه عمرا).

  والاعتماد على المقدّر كالاعتماد على الملفوظ به، نحو: (مهين زيد عمرا أم مكرمه؟) أي: أمهين، ونحو: {مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ}⁣(⁣٣)، أي: صنف مختلف ألوانه، وقوله:


(١) السر في اشتراط هذا الشرط هو أن اسم الفاعل إنما عمل بالحمل على الفعل المضارع، والفعل المضارع المحمول عليه إنما يدل على الزمان الحاضر أو الزمان المستقبل، فإذا أريد باسم الفاعل الزمان الماضي فقد زال شبهه بالفعل المضارع؛ فلم يبق وجه لعمله.

(٢) سورة الكهف، الآية: ١٨، وقد ظن الكسائي ومن وافقه كهشام وأبي جعفر أن قوله سبحانه {باسِطٌ} بمعنى الماضي، ولكن الجمهور ردوا ذلك وقالوا: إن هذه القصة حكاية حال، ومعنى ذلك أن يفرض المتكلم حين كلامه أن القصة واقعة الآن فهو يصفها، وعلى هذا لا يكون {باسِطٌ} ماضيا، ولكنه حاضر.

(٣) سورة النحل، الآية: ٦٩، والتمثيل بالآية الكريمة في هذا الموضع إما سهو وإما مبني على رأي ضعيف، وبيان ذلك أن عمل اسم الفاعل الذي يشترط له الاعتماد على شيء مما ذكر إنما هو نصبه للمفعول به، أما رفعه للفاعل مطلقا فلا يشترط له شيء مما ذكر، وهذا هو الصحيح المعتمد عند النحاة، وليس في الآية مفعول به حتى نلتمس لاسم الفاعل الذي هو {مُخْتَلِفٌ} شيئا يعتمد عليه، فاعرف ذلك وكن به حفيا والرأي الضعيف الذي أشرنا إليه هو أن الاعتماد على شيء مما ذكر شرط في رفعه الفاعل الظاهر كما أنه شرط في نصبه المفعول به، فأما رفعه الضمير المستتر فهو الذي لا يشترط له الاعتماد، وفي الآية التي تلاها المؤلف رفع اسم الفاعل الذي هو مختلف فاعلا هو اسم ظاهر وهو ألوانه، فكان لا بد له - على هذا القول - من الاعتماد، فلهذا قدرنا الموصوف بمختلف ليكون معتمدا عليه.