[مسألة: متى يجوز حذف المتعجب منه؟]
[مسألة: متى يجوز حذف المتعجب منه؟]
  مسألة: ويجوز حذف المتعجّب منه، في مثل (ما أحسنه)، إن دلّ عليه دليل(١)، كقوله:
= المخاطب، فلا يجوز أن تقول: أحسن بك، ولا أخلق بك أن تدرك مآربك، لما قد تقرر من أنه لا يجوز أن يرفع فعل ضميرا متصلا ثم ينصب ضميرا متصلا معناه هو معنى الضمير المرفوع، فلا يقال ضربتني - بتاء المتكلم - ولا يقال ضربتك - بتاء المخاطب، إلا في باب ظن وأخواتها فإن ذلك جائز واقع فيها في كلام العرب نحو قول الشاعر:
دعاني الغواني عمّهنّ، وخلتني ... لي اسم فلا أدعى به وهو أوّل
الخامس: أنه لو كان أمرا على الحقيقة لوجب إعلال الأجوف منه بحذف عينه، ألا ترى أنك تقول في الأمر من أقام وأبان وأعان: أقم، وأبن، وأعن، لكنك تقول في التعجب: أقوم بزيد، وأبين به، فتبقى الياء والواو.
وأما الذين رجحوا مذهب الكوفيين فقد سلكوا هذا المسلك، فأبطلوا مذهب البصريين من ثلاثة أوجه:
الأول: أنه يلزم على قولهم استعمال صيغة الأمر في الدلالة على الماضي، ولا عهد لنا بذلك، بل المعهود عكسه، وهو استعمال صيغة الماضي في الدلالة على الأمر، نحو قولهم اتقى اللّه امرؤ فعل خيرا يثب عليه، أي ليتق اللّه وليفعل خيرا، بدليل جزم الجواب.
والثاني: أنه لزم على قولهم ادعاء أن الهمزة في (أحسن بزيد) دالة على الصيرورة ودلالة الهمزة على الصيرورة قليل، فالحمل عليه حمل على القليل.
والثالث: أنه لزم على قولهم ادعاء أن الباء قد زيدت في الفاعل لزوما، وزيادتها في الفاعل ولزوم زيادتها كلاهما خلاف الأصل.
والحق أن هذا الفعل ليس كسائر الأفعال في الصحة والإعلال لجموده ولأنه أشبه الاسم، ولا في اقترانه بالضمائر لأنه جرى مجرى الأمثال.
(١) مما يجب أن تتنبه له أن المتعجب منه محكوم عليه في المعنى، فهو من أجل ذلك شبيه بالمبتدأ، فيجب له ما يجب للمبتدأ، وذلك بأن يكون معرفة أو نكرة تشبه المعرفة لكونها مخصوصة بنوع من التخصيص، فأما المعرفة فنحو (ما أحسن زيدا) ونحو (ما أكرم خلق علي) وأما النكرة المخصوصة فنحو (ما أوثق رجلا يقر بالحق لذي الحق) ونحو (ما أسعد رجلا اتقى ربه) فإن كانت النكرة محضة لم يجز أن تقع متعجبا منه، وكذلك إن كان نعتها غير مفيد للتخصيص، فلا يجوز أن تقول (ما أحسن رجلا) ولا أن =