هذا باب التعجب
  السادس: أن يكون تامّا، فلا يبنيان من نحو: كان، وظلّ، وبات، وصار، وكاد(١).
  السابع: أن يكون مثبتا؛ فلا يبنيان من منفي، سواء كان ملازما للنفي، نحو:
  (ما عاج بالدّواء) أي: ما انتفع به(٢)، أم غير ملازم ك (ما قام زيد).
= واعلم الآن أن النحاة متفقون على أن الفعل المبني للمجهول إذا كان له فعل مبني للمعلوم لم يبن منه فعل التعجب، فلا تقول (ما أضرب فلانا) وأنت تريد التعجب من ضرب وقع عليه، لا من فعل أوقعه هو، والسر في ذلك المنع - عند التحقيق - هو أنك لو قلت ذلك لأوقعت مخاطبك في لبس، ولتبادر إلى ذهنه أنك تريد التعجب من ضرب أوقعه هو، بسبب أن الأصل هو الفعل المبني للمعلوم، ولم يخطر بباله أنك تريد التعجب من ضرب وقع على زيد، فلا يكون كلامك دالا على المعنى الذي تريده، فهذا سر اتفاق النحاة في هذا الموضع.
فأما الذي لم يرد إلا بصيغة المبني للمجهول فإن النحاة يختلفون في جواز بناء فعل التعجب منه، فذهب ابن مالك إلى جواز بناء فعل التعجب منه، فتقول (ما أعنى فلانا بحاجتي، وما أزهى فلانا على أقرانه) وذلك لأنه لا يتصور اللبس في مثل هذه الحال، إذ المفروض أنه لم يرد فعل مبني للمعلوم لهذا الفعل، وقد يستأنس لما ذهب إليه ابن مالك بأنه قد ورد في أمثالهم (هو أزهى من ديك) و (أزهى من غراب) و (أزهى من وعل) و (أزهى من طاووس) وقد علم أن التفضيل أخو التعجب وأن ما يشترط في اشتقاق صيغة التفضيل هو بعينه المشروط في اشتقاق صيغة التعجب، فيكون مجيء صيغة التفضيل من هذا النوع مؤذنا بجواز مجيء صيغة التعجب منه، فيكون قوله مؤيدا بالسماع وبالقياس.
(١) وذهب الكوفيون إلى جواز التعجب من الفعل الناقص، ولكن هذا القول لم يؤيده سماع.
(٢) أما عاج بمعنى مال فقد استعمل مثبتا فقالوا (عاج فلان بمكان كذا يعوج) أي مال إليه، كما ورد منفيا، وقال جرير:
تمرّون الدّيار ولم تعوجوا ... كلامكم عليّ إذا حرام
والسر في عدم صحة التعجب من الفعل المنفي هو خوف اللبس، فلو قلت (ما أضربه) تبادر إلى ذهن المخاطب أنك تريد التعجب من فعل وقع، ويمكن أن يجري الخلاف =